فقال : 59 - { الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش } قد تقدم تفسير هذا في الأعراف والموصول في محل جر على أنه صفة للحي وقال بينهما ولم يقل بينهن لأنه أراد النوعين كما قال القطامي : .
( ألم يحزنك أن جبال قيس ... وتغلب قد تباتتا انقطاعا ) .
فإن قيل يلزم أن يكون خلق العرش بعد خلق السموات والأرض كما تفيده ثم فيقال إن كلمة ثم لم تدخل على خلق العرش بل على رفعه على السموات والأرض و الرحمن مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو صفة أخرى للحي وقد قرأ الجمهور بالرفع وقيل يجوز أن يكون بدلا من الضمير في ساتوى أو يكون مبتدأ وخبره الجملة : أي فاسأل على رأي الأخفش كما في قول الشاعر : .
( وقائلة خولان فانكح فتاتهم ) .
وقرأ زيد بن علي الرحمن بالجر على أنه نعت للحي أو للموصول { فاسأل به خبيرا } الضمير في به يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش والمعنى : فاسأل بتفاصيل ما ذكر إجمالا من هذه الأمور وقال الزجاج والأخفش : الباء بمعنى عن : أي فاسأل عنه كقوله : { سأل سائل بعذاب واقع } وقول امرئ القيس : .
( هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ... إن كنت جاهلة بما لم تعلم ) .
وقال امرؤ القيس : .
( فإن تسألوني بالنساء فإنني ... خبير بأدواء النساء طبيب ) .
والمراد بالخبير الله سبحانه لأنه يعلم تفاصيل تلك المخلوقات إلا هو ومن هذا قول العرب : لو لقيت فلانا للقيك به الأسد : أي للقيك بلقائك أياه الأسد فخبيرا منتصب على المفعولية أو على الحال المؤكدة واستضعف الحالية أبو البقاء فقال : يضعف أن يكون خبيرا حالا من فاعل اسأل لأن الخبير لا يسأل إلا على جهة التوكيد كقوله : { وهو الحق مصدقا } قال : ويجوز أن يكون حالا من الرحمن إذا رفعته باستوى وقال ابن جرير : يجوز أن تكون الباء في به زائدة والمعنى : فاسأله حال كونه خبيرا وقيل قوله به يجري مجرى القسم كقوله : { واتقوا الله الذي تساءلون به } والوجه الأول أقرب هذه الوجوه ثم أخبر سبحانه عنهم بأنهم جهلوا معنى الرحمن