ثم حكى سبحانه عن المنافقين أنهم لما كرهوا حكمه أقسموا بأنه لو أمرهم بالخروج إلى الغزو لخرجوا فقال : 53 - { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن } أي لئن أمرتهم بالخروج إلى الجهاد ليخرجن وجهد أيمانهم منتصب على أنه مصدر مؤكد للفعل المحذوف الناصب له : أي أقسموا بالله يجهدون أيمانهم جهدا ومعنى جهد أيمانهم : طاقة ما قدروا أن يحلفوا مأخوذ من قولهم جهد نفسه : إذا بلغ طاقتها وأقصى وسعها وقيل هو منتصب على الحال والتقدير : مجتهدين في أيمانهم كقولهم افعل ذلك جهدك وطاقتك وقد خلط الزمخشري الوجهين فجعلهما واحدا وجواب القسم قوله { ليخرجن } ولما كانت مقالتهم هذه كاذبة وأيمانهم فاجرة رد الله عليهم فقال : { قل لا تقسموا } أي رد عليهم زاجرا لهم وقل لهم لا تقسموا : أي لا تحلفوا على ما تزعمونه من الطاعة والخروج إلى الجهاد إن أمرتم به وهاهنا تم الكلام ثم ابتدأ فقال { طاعة معروفة } وارتفاع { طاعة } على أنها خبر مبتدأ محذوف : أي طاعتهم طاعة معروفة بأنها طاعة نفاقية لم تكن عن اعتقاد ويجوز أن تكون ميتدأ لأنها قد خصصت بالصفة ويكون الخبر مقدرا : أي طاعة معروفة أولى بكم من أيمانكم ويجوز أن ترتفع بفعل محذوف : أي لتكن منكم طاعة أو لتوجد وفي هذا ضعف لأن الفعل لا يحذف إلا إذا تقدم ما يشعر به وقرأ زيد بن علي والترمذي طاعة بالنصب على المصدر لفعل محذوف : أي أطيعوا طاعة { إن الله خبير بما تعملون } من الأعمال وما تضمرونه من المخالفة لما تنطق به ألسنتكم وهذه الجملة تعليل لما قبلها من كون طاعتهم طاعة نفاق