2 - { يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت } انتصاب الظرف بما بعده والضمير يرجع إلى الزلزلة : أي وقت رؤيتكم لها تذهل كل ذات رضاع عن رضيعها وتغفل عنه قال قطرب : تذهل تشتغل وأنشد قول الشاعر : .
( ضرب يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله ) .
وقيل تنسى وقيل تلهو وقيل تسلو وهذه معانيها متقاربة قال المبرد : إن ما فيما أرضعت بمعنى المصدر : أي تذهل عن الإرضاع قال : وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا إذ ليس بعد القيامة حمل وإرضاع إلا أن يقال : من ماتت حاملا فتضع حملها للهول ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك ويقال هذا مثل كما يقال : { يوما يجعل الولدان شيبا } وقيل يكون من النفخة الأولى قال : ويحتمل أن تكون الساعة عبارة عن أهوال يوم القيامة كما في قوله { مستهم البأساء والضراء وزلزلوا } ومعنى { وتضع كل ذات حمل حملها } أنها تلقي جنينها لغير تمام من شدة الهول كما أن المرضعة تترك ولدها بغير رضاع لذلك { وترى الناس سكارى } قرأ الجمهور بفتح التاء والراء خطاب لكل واحد : أي يراهم الرائي كأنهم سكارى { وما هم بسكارى } حقيقة قرأ حمزة والكسائي { سكارى } بغير ألف وقرأ الباقون بإثباتها وهما لغتان يجمع بهما سكران مثل كسلى وكسالى ولما نفى سبحانه عنهم السكر أوضح السبب الذي لأجله شابهوا السكارى فقال : { ولكن عذاب الله شديد } فبسبب هذه الشدة والهول العظيم طاشت عقولهم واضطربت أفهامهم فصاروا كالسكارى بجامع سلب كمال التمييز وصحة الإدراك وقرئ وترى بضم التاء وفتح الراء مسندا إلى المخاطب من أرأيتك : أي تظنهم سكارى قال الفراء ولهذه القراءة وجه جيد في العربية