ثم لما جاء سبحانه وتعالى بهذه الحجة التي أجمع العقلاء على أنه لم يكن في حجج البعث حجة أقوى منها أكدها بالقسم باسمه سبحانه مضافا إلى رسوله تشريفا له وتعظيما فقال : 68 - { فوربك لنحشرنهم } ومعنى لنحشرنهم : لنسوقنهم إلى المحشر بعد إخراجهم من قبورهم أحياء كما كانوا والواو في قوله : { والشياطين } للعطف على المنصوب أو بمعنى مع والمعنى : أن هؤلاء الجاحدين يحشرهم الله مع شياطينهم الذين أغروهم وأضلوهم وهذا ظاهر على جعل اللام في الإنسان للعهد وهو الإنسان الكافر وأما على جعلها للجنس فكونه قد وجد في الجنس من يحشر مع شيطانه { ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا } الجثي جمع جاث من قولهم جثا على ركبتيه يجثو جثوا وهو منتصب على الحال : أي جاثين على ركبهم لما يصيبهم من هول الموقف وروعة الحساب أو لكون الجثي على الركب شأن أهل الموقف كما في قوله سبحانه { وترى كل أمة جاثية } وقيل المراد بقوله جثيا جماعات وأصله جمع جثوة والجثوة هي المجموع من التراب أو الحجارة قال طرفة : .
( أرى جثوتين من تراب عليهما ... صفائح صم من صفيح منضد )