لما ذكر الله سبحانه أن الناس ينقسمون إلى ثلاث طوائف : مؤمنين وكافرين ومنافقين أمرهم بعد ذلك بالكون على ملة واحدة وإنما أطلق على الثلاث الطوائف لفظ الإيمان لأن أهل الكتاب يؤمنون بنيهم وكتابهم والمنافق مؤمن بلسانه وإن كان غير مؤمن بقلبه والسلم بفتح السين وكسرها قال الكسائي : ومعناهما واحد وكذا عند البصريين وهما جميعا يقعان للإسلام والمسالمة وقال أبو عمرو بن العلاء : إنه بالفتح للمسألة وبالكسر للإسلام وأنكر المبرد هذه التفرقة وقال الجوهري : السلم بفتح السين : الصلح وتكسر ويذكر ويؤنث وأصله من الاستسلام والانقياد ورجح الطبري أنه هنا بمعنى الإسلام ومنه قول الشاعر الكندى : .
( دعوت عشيرتي للسلم لما ... رأيتهم تولوا مدبرين ) .
أي إلى الإسلام وقرأ الأعمش السلم بفتح السين واللام وقد حكى البصريون في سلم وسلم وسلم أنها بمعنى واحد وكافة حال من المسلم أو من ضمير المؤمنين فمعناه على الأول : لا يخرج منكم أحد وعلى الثاني : لا يخرج من أنواع السلم شيء بل ادخلوا فيها جميعا : أي في خصال الإسلام وهو مشتق من قولهم كففت : أي منعت أي لا يمتنع منكم أحد من الدخول في الإسلام والكف : المنع والمراد به هنا الجميع 208 - { ادخلوا في السلم كافة } أي جميعا وقوله : { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي لا تسلكوا الطريق التي يدعوكم إليه الشيطان وقد تقدم الكلام على خطوات