ثم لما وقع منهم نسبة الافتراء إلى رسول الله A رد عليهم بقوله : 105 - { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله } فكيف يقع الافتراء من رسول الله A وهو رأس المؤمنين بها والداعين إلى الإيمان بها وهؤلاء الكفار هم الذين لا يؤمنون بها فهم المفترون للكذب قال الزجاج : المعنى إنما يفتري الكذب الذين إذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلا الله كذبوا بها هؤلاء أكذب الكذبة ثم سماهم الكاذبين فقال : { أولئك } أي المتصفون بذلك { هم الكاذبون } أي إن الكذب نعت لازم لهم وعادة من عادتهم فهم الكاملون في الكذب إذ لا كذب أعظم من تكذيبهم بآيات الله .
وقد أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن الحياة الطيبة المذكورة في الآية فقال : الحياة الطيبة الرزق الحلال في هذه الحياة الدنيا وإذا صار إلى ربه جازاه بأحسن ما كان يعمل وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : الكسب الطيب والعمل الصالح وأخرج العسكري في الأمثال عن علي في الآية قال : القناعة وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس قال : القنوع قال : وكان رسول الله A يدعو [ اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة لي بخير ] وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه عن ابن عمرو أن رسول الله A قال : [ قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ] وأخرج الترمذي والنسائي من حديث فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله A يقول : [ قد أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به ] وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر عن عطاء قال : الاستعاذة واجبة لكل قراءة في الصلاة وغيرها من أجل قوله : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } وقد ورد في مشروعية الاستعاذة عند التلاوة ما لعلنا قد قدمنا ذكره وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { إنما سلطانه على الذين يتولونه } يقول سلطان الشيطان على من تولى الشيطان وعمل بمعصية الله وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : { وإذا بدلنا آية مكان آية } وقوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } قال : عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب لرسول الله A فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به رسول الله أن يقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان رسول الله A فأجاره وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { وإذا بدلنا آية مكان آية } قال : هو كقوله : { ما ننسخ من آية أو ننسها } وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه قال السيوطي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : كان رسول الله A يعلم بمكة قينا اسمه بلعام وكان أعجميا فكان المشركون يرون رسول الله A يدخل عليه ويخرج من عنده فقالوا : إنما يعلمه بلعام فأنزل الله { ولقد نعلم أنهم يقولون } الآية وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عنه في الآية قال : قالوا إنما يعلم محمدا عبد بن الحضرمي وهو صاحب الكتب فأنزل الله هذه الآية وأخرج آدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن عبد الله بن مسلم الحضرمي قال : كان لنا عبدان من أهل عين التمر يقال لأحدهما يسار والآخر جبر وكانا يصنعان السيوف بمكة وكانا يقرآن الإنجيل فربما مر بهما النبي A وهما يقرآن فيقف ويستمع فقال المشركون : إنما يتعلم منهما فنزلت هذه الآية