وجملة 83 - { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } استئناف لبيان توليهم : أي هم يعرفون نعمة الله التي عددها ويعترفون بأنها من عند الله سبحانه ثم ينكرونها بما يقع من أفعالهم القبيحة من عبادة غير الله وبأقوالهم الباطلة حيث يقولون هي من الله ولكنها بشفاعة الأصنام وحيث يقولون إنهم ورثوا تلك النعم من آبائهم وأيضا كونهم لا يستعملون هذه النعم في مرضاة الرب سبحانه وفي وجوه الخير التي أمرهم الله بصرفها فيها وقيل نعمة الله نبوة محمد A كانوا يعرفونه ثم ينكرون نبوته { وأكثرهم الكافرون } أي الجاحدون لنعم الله أو الكافرون بالله وعبر هنا بالأكثر عن الكل أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم أو أراد كفر الجحود ولم يكن كفر كلهم كذلك بل كان كفر بعضهم كفر جهل وكفر بعضهم بسبب تكذيب الرسول A مع اعترافهم بالله وعدم الجحد لربوبيته ومثل هذه الآية قوله تعالى : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } .
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد سكنا قال : تسكنون فيها وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي نحوه قال : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا } وهي خيام العرب { تستخفونها } يقول : في الحمل { ومتاعا } يقول بلاغا { إلى حين } قال : إلى الموت وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { تستخفونها يوم ظعنكم } قال : بعض بيوت السيارة بنيانه في ساعة وفي قوله : { وأوبارها } قال : الإبل { وأشعارها } قال الغنم وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله { أثاثا } قال : الأثاث المتاع وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : الأثاث المال { ومتاعا إلى حين } يقول : تنتفعون به إلى حين وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { والله جعل لكم مما خلق ظلالا } قال : من الشجر ومن غيرها { وجعل لكم من الجبال أكنانا } قال : غارات يسكن فيها { وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر } قال : من القطن والكتان والصوف { وسرابيل تقيكم بأسكم } من الحديد { كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } ولذلك هذه السورة تسمى سورة النعم وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { سرابيل تقيكم الحر } قال : يعني الثياب { وسرابيل تقيكم بأسكم } قال : يعني الدروع والسلاح { كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } يعني من الجراحات وكان ابن عباس يقرأها تسلمون كما قدمنا وإسناده ضعيف