ثم لما قرر سبحانه وحدانيته وأنه الذي يجب أن يخص بالرهبة منه والرغبة إليه ذكر أن الكل في ملكه وتحت تصرفه فقال 52 - { وله ما في السموات والأرض } وهذه الجملة مقررة لمن تقدم في قوله { ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض } إلى آخره وتقديم الخبر لإفادة الاختصاص { وله الدين واصبا } أي ثابتا واجبا دائما لا يزول والدين هو الطاعة والإخلاص قال الفراء { واصبا } معناه دائما ومنه قول الدؤلي : .
( لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه ... بذم يكون الدهر أجمع واصبا ) .
أي دائما وروي عن الفراء أيضا أنه قال : الواصب الخالص والأول أولى ومنه قوله سبحانه : { ولهم عذاب واصب } أي دائم وقال الزجاج : أي طاعته واجبة أبدا ففسر الواصب بالواجب وقال ابن قتيبة في تفسير الواصب : أي ليس أحد يطاع إلا انقطع ذلك بزوال أو بهلكة غير الله تعالى فإن الطاعة تدوم له ففسر الواصب بالدائم وإذا دام لشيء دواما لا ينقطع فقد وجب وثبت يقال وصب الشيء يصب وصوبا فهو واصب : إذا رام ووصب الرجل على الأمر : إذا واظب عليه وقيل الوصب التعب والإعياء : أي يجب طاعة الله سبحانه وإن تعب العبد فيها وهو غير مناسب لما في الآية والاستفهام في قوله : { أفغير الله تتقون } للتقريع والتوبيخ وهو معطوف على مقدر كما في نظائره والمعنى : إذا كان الدين : أي الطاعة واجبا له دائما لا ينقطع كان المناسب لذلك تخصيص التقوى به وعدم إيقاعها لغيره