13 - { وما ذرأ لكم في الأرض } أي خلق : يقال ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا : خلقهم : فهو ذارئ ومنه الذرية وهي نسل الثقلين وقد تقدم تحقيق هذا وهو معطوف على النجوم رفعا ونصبا : أي وسخر لكم ما ذرأ في الأرض فالمعنى : أنه سبحانه سخر سخر لهم تلك المخلوقات السماوية والمخلوقات الأرضية وانتصاب مختلفا ألوانه على الحال وألوانه : هيئاته ومناظره فإن ذرء هذه الأشياء على اختلاف الألوان والأشكال مع تساوي الكل في الطبيعة الجسمية آية عظيمة دالة على وجود الصانع سبحانه وتفرده { إن في ذلك } التسخير لهذه الأمور { لآية } واضحة { لقوم يذكرون } فإن من تذكر اعتبر ومن اعتبر استدل على المطلوب قيل وإنما خص المقام الأول بالتفكر لإمكان إيراد الشبهة المذكورة وخص المقام الثاني بالعقل لذكره بعد إماطة الشبهة وإراحة العلة فمن لم يعترف بعدها بالوحدانية فلا عقل له وخص المقام الثالث بالتذكر لمزيد الدلالة فمن شك بعد ذلك فلا حس له وفي هذا من التكلف ما لا يخفى والأولى أن يقال هنا كما قلنا فيما تقدم في إفراد الآية في البعض وجمعها في البعض الآخر وبيانه أن كلا من هذه المواضع الثلاثة يصلح لذكر التفكر ولذكر التعقل ولذكر التذكر لاعتبارات ظاهرة غير خفية فكان في التعبير في كل موضع بواحد منها افتنان حسن لا يوجد في التعبير بواحد منها في جميع المواضع الثلاثة