قال الزجاج : لما ذكر أنهم لا يؤمنون ذكر الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق فقال : 2 - { الله الذي رفع السموات بغير عمد } والعمد : الأساطين جمع عماد : أي قائمات بغير عمد تعتمد عليه وقيل لها عمد ولكن لا نراه قال الزجاج العمد قدرته التي يمسك بها السموات وهي غير مرئية لنا وقرىء عمد على انه جمع عمود يعمد به : أي يسند إليه قال النابغة : .
( وخبر الجن أني قد أذنت لهم ... يبنون تذمر بالصفاح والعمد ) .
وجملة ترونها مستأنفة استشهاد على رؤيتهم لها كذلك وقيل هي صفة لعمد وقيل في الكلام تقديم وتأخير والتقدير : رفع السموات ترونها بغير عمد ولا ملجىء إلى مثل هذا التكلف { ثم استوى على العرش } أي استولى عليه بالحفظ والتدبير أو استوى أمره أو أقبل على خلق العرش وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى والاستواء على العرش صفة لله سبحانه بلا كيف كما هو مقرر في موضعه من علم الكلام { وسخر الشمس والقمر } أي ذللهما لما يراد منهما من منافع الخلق ومصالح العباد { كل يجري إلى أجل مسمى } أي كل من الشمس والقمر يجري إلى وقت معلوم : وهو فناء الدنيا وقيام الساعة التي تكور عندها الشمس ويخسف القمر وتنكدر النجوم وتنتثر وقيل المراد بالأجل المسمى درجاتهما ومنازلهما التي تنتهيان إليها لا يجاوزانها وهي سنة للشمس وشهر للقمر { يدبر الأمر } أي يصرفه على ما يريد وهو أمر ملكوته وربوبيته { يفصل الآيات } أي يبينها : وهي الآيات الدالة على كمال قدرته وربوبيته ومنها ما تقدم من رفع السماء بغير عمد وتسخير الشمس والقمر وجريهما لأجل مسمى والجملتان في محل نصب على الحال او خبره إن لقوله : { الله الذي رفع } على أن الموصول صفة للمبتدأ والمراد من هذا تنبيه العباد أن من قدر على هذه الأشياء فهو قادر على البعث والإعادة ولذا قال { لعلكم بلقاء ربكم توقنون } أي لعلكم عند مشاهدة هذه الآيات توقنون بذلك لا تشكون فيه ولا تمترون في صدقه