وقرأ الباقون بالتحتية 110 - { حتى إذا استيأس الرسل } هذه الغاية لمحذوف دل عليه الكلام وتقديره : وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالا ولم نعاجل أممهم الذين لم يؤمنوا بما جاءوا به بالعقوبة { حتى إذا استيأس الرسل } من النصر بعقوبة قومهم أو حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم لانهماكهم في الكفر { وظنوا أنهم قد كذبوا } قرأ ابن عباس وابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو جعفر بن القعقاع والحسن وقتادة وأبو رجاء العطاردي وعاصم وحمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش وخلف كذبوا بالتخفيف : ظن القوم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروا به من العذاب ولم يصدقوا وقيل المعنى : ظن القوم أن الرسل قد كذبوهم فيما ادعوا من نصرهم وقيل المعنى : وظن الرسل أنها قد كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون عليهم أو كذبهم رجاؤهم للنصر وقرأ الباقون كذيوا بالتشديد والمعنى عليها واضح : أي ظن الرسل بأن قومهم قد كذبوهم فيما وعدوهم به من العذاب ويجوز في هذا أن يكون فاعل ظن القوم المرسل إليهم على معنى أنهم ظنوا أن الرسل قد كذبوا فيما جاءوا به من الوعد والوعيد وقرأ مجاهد وحميد قد كذبوا بفتح الكاف والذال مخففتين على معنى : وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوا وقد قيل إن الظن في هذه الآية بمعنى اليقين لأن الرسل قد تيقنوا أن قومهم كذبوهم وليس ذلك مجرد ظن منهم والذي ينبغي أن يفسر الظن باليقين في مثل هذه الصورة ويفسر بمعناه الأصلي فيما يحصل فيه مجرد ظن فقط من الصور السابقة { جاءهم نصرنا } أي فجاء الرسل نصر الله سبحانه فجأة أو جاء قوم الرسل الذين كذبوهم نصر الله لرسله بإيقاع العذاب على المكذبين { فنجي من نشاء } قرأ عاصم فنجي بنون واحدة وقرأ الباقون فننجي بنونين واختار أبو عبيدة القراءة الأولى لأنها في مصحف عثمان كذلك وقرأ ابن محيصن فنجا على البناء للفاعل فتكون من على القراءة الأولى في محل رفع على أنها نائب الفاعل وتكون على القراءة الثانية في محل نصب على أنها مفعول وعلى القراءة الثالثة في محل رفع على أنها فاعل والذين نجام الله هم الرسل ومن آمن معهم وهلك المكذبون { ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين } عند نزوله بهم وفيه بيان من يشاء الله نجاته من العذاب وهم من عدا هؤلاء المجرمين