86 - { قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } هذه الجملة مستأنفة كأنه قيل فما قال يعقوب لما قالوا له ما قالوا ؟ والبث : ما برد على الإنسان من الأشياء التي يعظم حزن صاحبها بها حتى لا يقدر على إخفائها كذا قال أهل اللغة وهو مأخوذ من بثثه : أي فرقته فسميت المصيبة بثا مجازا قال ذو الرمة : .
( وقفت على ربع لمية يا فتى ... فما زلت أبكي عنده وأخاطبه ) .
( وأسقيه حتى كاد مما أبثه ... تكلمني أحجاره وملاعبه ) .
وقد ذكر المفسرون أن الإنسان إذا قدر على كتم ما نزل به من المصائب كان ذلك حزنا وإن لم يقدر على كتمه كان ذلك بثا فالبث على هذا : أعظم الحزن وأصعبه وقيل البث : الهم وقيل هو الحاجة وعلى هذا القول يكون عطف الحزن على البث واضح المعنى وأما على تفسير البث بالحزن العظيم فكأنه قال : إنما أشكو حزني العظيم وما دونه من الحزن إلى الله لا إلى غيره من الناس وقد قرىء حزني بضم الحاء وسكون الزاي وحزني بفتحهما { وأعلم من الله ما لا تعلمون } أي أعلم من لطفه وإحسانه وثوابه على المصيبة ما لا تعلمونه أنتم وقيل أراد علمه بأن يوسف حي وقيل أراد علمه بأن رؤياه صادقة وقيل أعلم من إجابة المضطرين إلى الله ما لا تعلمون