وجملة 51 - { قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه } مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل : فماذا قال الملك بعد أن أبلغه الرسول ما قال يوسف والخطب : الشأن العظيم الذي يحق له أن يخاطب فيه صاحبه خاصة والمعنى : ما شأنكن [ إذا ] راودتن يوسف عن نفسه وقد تقدم معنى المراودة وإنما نسب إليهن المراودة لأن كل واحد منهن وقع منها ذلك كما تقدم ومن جملة من شمله خطاب الملك امرأة العزيز أو أراد بنسبة ذلك إليهن وقوعه منهن في الجملة كما كان من امرأة العزيز تحاشيا عن التصريح منه بنسبة ذلك إليها لكونها امرأة وزيره وهو العزيز : فأجبن عليه بقولهن { قلن حاش لله } أي معاذ الله { ما علمنا عليه من سوء } أي من أمر سيء ينسب إليه فعند ذلك { قالت امرأة العزيز } منزهة لجانبه مقرة على نفسها بالمراودة له { الآن حصحص الحق } أي تبين وظهر وأصله حص فقيل حصحص كما قيل في كبوا كبكبوا قاله الزجاج وأصل الحص استئصال الشيء يقال حص شعره : إذا استأصله ومنه قول أبي قيس بن الأسلت : .
( قد حصت البيضة رأسي فما ... أطعم نوما غير تهجاع ) .
والمعنى أنه انقطع الحق عن الباطل بظهوره وبيانه ومنه : .
( فمن مبلغ عني خداشا فإنه ... كذوب إذا ما حصحص الحق ظالم ) .
وقيل هو مشتق من الحصة والمعنى : بانت حصة الباطل قال الخليل : معناه ظهر الحق بعد خفائه ثم أوضحت ذلك بقولها { أنا راودته عن نفسه } ولم تقع منه المراودة لي أصلا { وإنه لمن الصادقين } فيما قاله تبرئة نفسه ونسبة المراودة إليها وأرادت بالآن زمان تكلمها بهذا الكلام