قوله : 144 - { قد نرى تقلب وجهك } قال القرطبي في تفسيره : قال العلماء : هذه الآية مقدمة في النزول على قوله : { سيقول السفهاء } ومعنى : { قد } تكثير الرؤية كما قاله صاحب الكشاف ومعنى : { تقلب وجهك } تحول وجهك إلى السماء قاله قطرب قال الزجاج : تقلب عينيك في النظر إلى السماء والمعنى متقارب وقوله : { فلنولينك } هو إما من الولاية : أي فلنعطينك ذلك أو من التولي : أي فلنجعلنك متوليا إلى جهتها وهذا أولى لقوله : { فول وجهك شطر المسجد الحرام } والمراد بالشطر هنا : الناحية والجهة وهو منتصب على الظرفية ومنه قول الشاعر : .
( أقول لأم زنباع أقيمي ... صدور العيس شطر بني تميم ) .
ومنه أيضا قول الآخر : .
( ألا من مبلغ عمرا رسولا ... وما تغني الرسالة شطر عمرو ) .
وقد يراد بالشطر النصف ومنه [ الوضوء شطر الإيمان ] ومنه قول عنترة : .
( إني امرؤ من خير عبس منصبا ... شطري وأحمي سائري بالمنصل ) .
قال ذلك لأن أباه من سادات عبس وأمه أمة ويرد بمعنى البعض مطلقا ولا خلاف أن المراد بشطر المسجد هنا الكعبة وقد حكى القرطبي الإجماع على أن استقبال عين الكعبة فرض على المعاين وعلى أن غير المعاين يستقبل الناحية ويستدل على ذلك بما يمكنه الاستدلال به والضمير في قوله : { أنه الحق } راجع إلى ما يدل عليه الكلام من التحول إلى جهة الكعبة وعلم أهل الكتاب بذلك إما لكونه قد بلغهم عن أنبيائهم أو وجدوا في كتب الله المنزلة عليهم أن هذا النبي يستقبل الكعبة أو لكونهم قد علموا من كتبهم أو أنبيائهم أن النسخ سيكون في هذه الشريعة فيكون ذلك موجبا عليهم الدخول في الإسلام ومتابعة النبي A قوله : { وما الله بغافل عما يعملون } قد تقدم معناه وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي تعملون بالمثناة الفوقية على مخاطبة أهل الكتاب أو أمة محمد A وقرأ الباقون بالياء التحتية