قوله : 117 - { لقد تاب الله على النبي } فيما وقع منه A من الإذن في التخلف أو فيما وقع منه من الاستغفار للمشركين وليس من لازم التوبة أن يسبق الذنب ممن وقعت منه أو له لأن كل العباد محتاج إلى التوبة والاستغفار وقد تكون التوبة منه تعالى على النبي من باب أنه ترك ما هو الأولى والأليق كما في قوله : { عفا الله عنك لم أذنت لهم } ويجوز أن يكون ذكر النبي A لأجل التعريف للمذنبين بأن يتجنبوا الذنوب ويتوبوا عما قد لابسوه منها وكذلك تاب الله سبحانه على المهاجرين والأنصار فيما قد اقترفوه من الذنوب ومن هذا القبيل ما صح عنه A من قوله : [ إن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ] ثم وصف سبحانه المهاجرين والأنصار بأنهم الذين اتبعوا النبي A فلم يتخلفوا عنه وساعة العسرة هي غزوة تبوك فإنهم كانوا في عسرة شديدة فالمراد بالساعة جميع أوقات تلك الغزاة ولم يرد ساعة بعينها والعسرة صعوبة الأمر قوله : { من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم } في كاد ضمير الشأن وقلوب مرفوع بتزيغ عند سيبويه وقيل : هي مرفوعة بكاد ويكون التقدير من بعد ما كاد قلوب فريق منهم تزيغ وقرأ الأعمش وحمزة وحفص { يزيغ } بالتحتية قال أبو حاتم : من قرأ بالياء التحتية فلا يجوز له أن يرفع القلوب بكاد قال النحاس : والذي لم يجزه جائز عند غيره على تذكير الجمع ومعنى { يزيغ } تتلف بالجهد والمشقة والشدة وقيل معناه : تميل عن الحق وتترك المناصرة والممانعة وقيل معناه : تهم بالتخلف عن الغزو لما هم فيه من الشدة العظيمة وفي قراءة ابن مسعود من بعد ما زاغت وهم المتخلفون على هذه القراءة وفي تكرير التوبة عليهم بقوله : { ثم تاب عليهم ليتوبوا } تأكيد ظاهر واعتناء بشأنها هذا إن كان الضمير راجعا إلى من تقدم ذكر التوبة عنهم وإن كان الضمير إلى الفريق فلا تكرار