ثم ذكر سبحانه حال طائفة من المسلمين وهم المخلطون في دينهم فقال : 102 - { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } وهو معطوف على قوله : منافقون : أي وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة قوم آخرون ويجوز أن يكون آخرون مبتدأ واعترفوا بذنوبهم صفته وخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا خبره والمعنى : أن هؤلاء الجماعة تخلفوا عن الغزو لغير عذر مسوغ للتخلف ثم ندموا على ذلك ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة كما اعتذر المنافقون بل تابوا واعترفوا بالذنب ورجوا أن يتوب الله عليهم والمراد بالعمل الصالح : ما تقدم من إسلامهم وقيامهم بشرائع الإسلام وخروجهم إلى الجهاد في سائر المواطن والمراد بالعمل السيء : هو تخلفهم عن هذه الغزوة وقد أتبعوا هذا العمل السيء عملا صالحا وهو الاعتراف به والتوبة عنه وأصل الاعتراف الإقرار بالشيء ومجرد الإقرار لا يكون في توبة إلا إذا اقترن به الندم على الماضي والعزم على تركه في الحال والاستقبال وقد وقع منهم ما يفيد هذا كما سيأتي بيانه إن شاء الله ومعنى الخلط : أنهم خلطوا كل واحد منهما بالآخر كقولك خلطت الماء باللبن واللبن بالماء ويجوز أن تكون الواو بمعنى الباء كقولك : بعت الشاة شاة ودرهما : أي بدرهم وفي قوله : { عسى الله أن يتوب عليهم } دليل على أنه قد وقع منهم مع الاعتراف ما يفيد التوبة أو أن مقدمة التوبة وهي الاعتراف قامت مقام التوبة وحرف الترجي وهو عسى هو في كلام الله سبحانه يفيد تحقيق الوقوع لأن الإطماع من الله سبحانه إيجاب لكونه أكرم الأكرمين { إن الله غفور رحيم } أي يغفر الذنوب ويتفضل على عباده