لما ذكر سبحانه أصناف الأعراب ذكر المهاجرين والأنصار وبين أن منهم السابقين إلى الهجرة وأن منهم التابعين لهم وروي عن عمر بن الخطاب Bه أنه قرأ 100 - { والأنصار } بالرفع عطفا على { والسابقون } وقرأ سائر القراء من الصحابة فمن بعدهم بالجر قال الأخفش : الخفض في الأنصار الوجه لأن السابقين منهم يدخلون في قوله : { والسابقون } وفي الآية تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلوا القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة أو الذين شهدوا بيعة الرضوان وهي بيعة الحديبية في قول الشعبي أو أهل بدر في قول محمد بن كعب وعطاء بن يسار ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها قال أبو منصور البغدادي : أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية قوله : { والذين اتبعوهم بإحسان } قرأ عمر بن الخطاب Bه : { الذين اتبعوهم } محذوف الواو وصفا للأنصار على قراءته برفع الأنصار فراجعه في ذلك زيد بن ثابت فسأل أبي بن كعب فصدق زيدا فرجع عمر عن القراءة المذكورة كما رواه أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه ومعنى الذين اتبعوهم بإحسان : الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم المتأخرون عنهم من الصحابة فمن بعدهم إلى يوم القيامة وليس المراد بهم التابعين اصطلاحا وهم كل من أدرك الصحابة ولم يدرك النبي A بل هم من جملة من يدخل تحت الآية فتكون من في قوله : { من المهاجرين } على هذا للتبعيض وقيل إنها للبيان فيتناول المدح جميع الصحابة ويكون المراد بالتابعين من بعدهم من الأمة إلى يوم القيامة وقوله : { بإحسان } قيد للتابعين : أي والذين اتبعوهم متلبسين بإحسان في الأفعال والأقوال اقتداء منهم بالسابقين الأولين قوله : { Bهم } خبر للمبتدأ وما عطف عليه ومعنى رضاه سبحانه عنهم : أنه قبل طاعاتهم وتجاوز عنهم ولم يسخط عليهم { ورضوا عنه } بما أعطاهم من فضله ومع رضاه عنهم فقد { أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار } في الدار الآخرة وقرأ ابن كثير { تجري من تحتها الأنهار } بزيادة من وقرأ الباقون بحذفها والنصب على الظرفية وقد تقدم تفسير جري الأنهار من تحت الجنات وتفسير الخلود والفوز