164 - { وإذ قالت أمة } معطوف على إذ يعدون معمول لعامله داخل في حكمه والأمة الجماعة : أي قالت جماعة من صلحاء أهل القرية لآخرين ممن كان يجتهد في وعظ المتعدين في السبت حين أيسوا من قبولهم للموعظة وإقلاعهم عن المعصية { لم تعظون قوما الله مهلكهم } أي مستأمل لهم بالعقوبة { أو معذبهم عذابا شديدا } بما انتهكوا من الحرمة وفعلوا من المعصية وقيل : إن الجماعة القائلة لم تعظون قوما ؟ هم العصاة الفاعلون للصيد في يوم السبت قالوا ذلك للواعظين لهم حين وعظوهم والمعنى : إذا علمتم أن الله مهلكنا كما تزعمون فلم تعظوننا { قالوا معذرة إلى ربكم } أي قال الواعظون للجماعة القائلين لهم لم تعظون وهم طائفة من صلحاء القرية على الوجه الأول أو الفاعلين على الوجه الثاني { معذرة إلى ربكم } قرأ عيسى بن عمر وطلحة بن مصرف { معذرة } بالنصب وهي قراءة حفص عن عاصم وقرأ الباقون بالرفع قال الكسائي : ونصبه على وجهين : أحدهما على المصدر والثاني على تقدير فعلنا ذلك معذرة : أي لأجل المعذرة والرفع على تقدير مبتدأ : أي موعظتنا معذرة إلى الله حتى لا يؤاخذنا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين أوجبهما علينا ولرجاء أن يتعظوا فيتقوا ويقلعوا عما هم فيه من المعصية .
قال جمهور المفسرين : إن بني إسرائيل افترقت ثلاث فرق : فرقة عصت وصادت وكانت نحو سبعين ألفا وفرقة اعتزلت فلم تنه ولم تعص وفرقة اعتزلت ونهت ولم تعص فقالت الطائفة التي لم تنه ولم تعص للفرقة الناهية { لم تعظون قوما } يريدون الفرقة العاصية { الله مهلكهم أو معذبهم } قالوا ذلك على غلبة الظن لما جرت به عادة الله من إهلاك العصاة أو تعذيبهم من دون استئصال بالهلاك فقالت الناهية موعظتنا معذرة إلى الله ولعلهم يتقون ولو كانوا فرقتين فقط ناهية غير عاصية وعاصية لقال : لعلكم تتقون