قوله : 126 - { وما تنقم منا } قرأ الحسن بفتح القاف قال الأخفش : هي لغة وقرأ الباقون بكسرها يقال : نقمت الأمر أنكرته : أي لست تعيب علينا وتنكر منا { إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا } مع أن هذا هو الشرف العظيم والخير الكامل ومثله لا يكون موضعا للعيب ومكانا للإنكار بل هو حقيق بالثناء الحسن والاستحسان البالغ ثم تركوا خطابه وقطعوا الكلام معه والتفتوا إلى خطاب الجناب العلي مفوضين الأمر إليه طالبين منه D أن يثبتهم على هذه المحنة بالصبر قائلين { ربنا أفرغ علينا صبرا } الإفراغ : الصب : أي اصببه علينا حتى يفيض ويغمرنا : طلبوا أبلغ أنواع الصبر استعدادا منهم لما سينزل بهم من العذاب من عدو الله وتوطينا لأنفسهم على التصلب في الحق وثبوت القدم على الإيمان ثم قالوا : { وتوفنا مسلمين } أي توفنا إليك حال ثبوتنا على الإسلام غير محرفين ولا مبدلين ولا مفتونين ولقد كان ما هم عليه من السحر والمهارة في علمه مع كونه شرا محضا سببا للفوز بالسعادة لأنهم علموا أن هذا الذي جاء به موسى خارج عن طوق البشر وأنه من فعل الله سبحانه فوصلوا بالشر إلى الخير ولم يحصل من غيرهم ممن لا يعرف هذا العلم من أتباع فرعون ما حصل منهم من الإذعان والاعتراف والإيمان وإذا كانت المهارة في علم الشر قد تأتي بمثل هذه الفائدة فما بالك بالمهارة في علم الخير اللهم انفعنا بما علمتنا وثبت أقدامنا على الحق وأفرغ علينا سجال الصبر وتوفنا مسلمين