قوله : 85 - { وإلى مدين أخاهم شعيبا } معطوف على ما تقدم : أي وأرسلنا ومدين اسم قبيلة وقيل اسم بلد والأول أولى وسميت القبيلة باسم أبيهم : وهو مدين بن إبراهيم كما يقال : بكر وتميم قوله : { أخاهم شعيبا } شعيب عطف بيان وهو شعيب بن ميكائيل بن يشجب بن مدين بن إبراهيم قاله عطاء وابن إسحاق وغيرهما وقال الشرفي بن القطامي : إنه شعيب بن عيفاء بن ثويب بن مدين بن إبراهيم وزعم ابن سمعان أنه شعيب بن حرة بن يشجب بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وقال قتادة : هو شعيب بن صفوان بن عيفاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم قوله : { قال يا قوم } إلى قوله : { بينة من ربكم } قد سبق شرحه في قصة نوح قوله : { فأوفوا الكيل والميزان } أمرهم بإيفاء الكيل والميزان لأنهم كانوا أهل معاملة بالكيل والوزن وكانوا لا يعرفونهما وذكر الكيل الذي هو المصدر وعطف عليه الميزان الذي هو اسم للآلة .
واختلف في توجيه ذلك فقيل : المراد بالكيل المكيال فتناسب عطف الميزان عليه وقيل : المراد بالميزان الوزن فيناسب الكيل والفاء في فأوفوا للعطف على اعبدوا قوله : { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } البخس النقص وهو يكون بالتعييب للسلعة أو التزهيد فيها أو المخادعة لصاحبها والاحتيال عليه وكل ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وظاهر قوله : { أشياءهم } أنهم كانوا يبخسون الناس في كل الأشياء وقيل : كانوا مكاسين يمكسون كل ما دخل إلى أسواقهم ومنه قول زهير : .
( أفي كل أسواق العراق إتاوة ... وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم ) .
قوله : { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } قد تقدم تفسيره قريبا ويدخل تحته قليل الفساد وكثيره ودقيقه وجليله والإشارة بقوله : { ذلكم } إلى العمل بما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه والمراد بالخيرية هنا الزيادة المطلقة لأنه لا خير في عدم إيفاء الكيل والوزن وفي بخس الناس وفي الفساد في الأرض أصلا