73 - ـ فصل : جاهد هواك .
تأملت أمرا عجيبا و أصلا ظريفا و هو انهيال الابتلاء على المؤمن و عرض صورة اللذات عليه مع قدرته على نيلها و خصوصا ما كان في غير كلفة من تحصيله كمحبوب موافق في خلوة حصينة .
فقلت : سبحان الله ههنا يبين أثر الإيمان لا في صلاة ركعتين .
و الله ما صعد يوسف عليه السلام و لا سعد إلا في مثل ذلك المقام فبالله عليكم يا إخواني تأملوا حاله لو كان وافق هواه من كان يكون ؟ .
و قيسوا بين تلك الحالة و حالة آدم عليه السلام ثم زنوا بميزان العقل عقبي تلك الخطيئة و ثمرة هذا الصبر و اجعلوا فهم الحال عدة لكم عند كل مشتهى .
و إن اللذات لتعرض على المؤمن فمتى لقيها في صف حربه و قد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب هزم .
و كأني أرى الواقع في بعض أشراكها و لسان الحال يقول له : قف مكانك أنت و ما إخترت لنفسك .
فغاية أمره الندم و البكاء .
فإن أمن إخراجه من تلك الهوة لم يخرج إلا مدهونا بالخدوش .
و كم من شخص زلت قدمه فما ارتفعت بعدها .
و من تأمل ذل إخوة يوسف عليهم السلام يوم قالوا : { و تصدق علينا } عرف شؤم الزلل .
و من تدبر أحوالهم قاس ما بينهم و بين أخيهم من الفروق و إن كانت توبتهم قبلت لآنه ليس من رقع و خاط كمن ثوبه صحيح .
و رب عظم هيض لم ينجبر فإن جبر فعلى و هي .
فتيقظوا إخواني لعرض المشتبهات على النفوس و استوثقوا من لجم الخيل و انتبهوا للغيم إذا تراكم بالصعود إلى تلعة .
فربما مد الوادي فراح بالركب