58 - ـ فصل : من أخطاء الصوفية .
ليس في الوجود شيء أشرف من العلم كيف لا و هو الدليل فإذا عدم و قع الضلال .
و ان من خفي مكايد الشيطان أن يزين في نفس الإنسان التعبد ليشغله عن أفضل التعبد و هو العلم حتى إنه زين لجماعة من القدماء أنهم دفنوا كتبهم و رموها في البحر و هذا قد ورد عن جماعة و أحسن ظني بهم أن أقول : كان فيها شيء من رأيهم و كلامهم فما حبوا انتشاره .
و إلا فمتى كان فيها علم مفيد صحيح لا يخاف عواقبه كان رميها إضاعة للمال لا يحل .
و قد دنت حيلة إبليس إلى جماعة من المتصوفة حتى منعوا من حمل المحابر تلامذتهم .
و حتى قال جعفر الخلدي : لو تركني الصوفية جئتكم بإسناد الدنيا كتبت مجلسا عن أبي العباس الدوري فلقيني بعض الصوفية فقال : [ دع علم الورق و عليك بعلم الخرق ] .
و رأيت محبرة مع بعض الصوفية فقال له صوفي آخر : [ استر عورتك ] ـ و قد انشدوا للشبلي : .
( إذا طالبوني بعلم الورق ... برزت عليهم بعلم الخرق ) .
و هذا من خفي حيل إبليس و لقدصدق عليهم إبليس ظنه و إنما فعل و زينة عندهم لسببين : .
أحدهما : أنه أرادهم يمشون في الظلمة .
و الثاني : أن تصفح العلم كل يوم يزيد في العالم و يكشف له ما كان خفي عنه و يقوي إيمانه و معرفته و يريه عيب كثير من مسالكه إذا تصفح منهاج الرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة .
فأراد إبليس سد تلك الطرق بأخفى حيلة فأظهر أن المقصود العمل لا العلم لنفسه و خفي على المخدوع أن العلم عمل و أي عمل .
فاحذر من هذه الخديعة الخفية فإن العلم هو الأصل الأعظم و النور الأكبر .
و ربما كان تقليب الوراق أفضل من الصوم و الصلاة و الحج و الغزو .
و كم من معرض عن العلم يخوض في عذاب من الهوى في تعبده و يضيع كثيرا من الفرض بالنقل و يشتغل بما يزعمه الأفضل عن الواجب .
و لو كانت عنده شعلة من نور العلم لا هتدى فتأمل ما ذكرت لك ترشد إن شاء الله تعالى