361 - ـ فصل : من أدلة البعث .
إن الله D جعل لأحوال الآدمي أمثلة ليعتبر بها .
فمن أمثلة أحواله القمر الذي يبتدئ صغيرا ثم يتكامل بدرا ثم يتناقض بانمحاق و قد يطرأ عليه ما يفسده كالكسوف .
فكذلك الآدمي أوله نطفة ثم يترقى من الفساد إلى الصلاح فإذا تم كان بمنزلة البدر الكامل .
ثم تتناقض أحواله بالضعف فربما هجم الموت قبل ذلك هجوم الكسوف على القمر .
قال الشاعر : .
( و المرء مثل هلال عند طلعته ... يبدو ضئيلا لطيفا ثم يتسق ) .
( يزداد حتى إذا ما تم أعقبه ... كر الجديدين نقصا ثم ينمحق ) .
و من أمثلة حاله دود القز فإنه يكون حيا إلى أن نبتدئ نبات قوته و هو ورق الفرصاد .
فإذا اخضر الورق دبت الروح فيه ثم ينتقل من حال إلى حال كإنتقال الطفل .
ثم يرقد كغفلة الآدمي عن النظر في العواقب ثم ينتبه فيحرص على الأكل كحرص الشره على تحصيل الدنيا .
ثم يسدي على نفسه كما يخطب الآدمي الأوزار على دينه فيرتهن في ذلك الحبس كما يرتهن الميت في قبره .
ثم يقرض فيخرج خلقا آخر كما تنشر الموتى غرلا بهما .
و قد دله على البعث تكون النطفة كالميت ثم تصير آدميا .
و إلقاء الحب تحت الأرض فيفسد ثم يهتز خضرا .
( إذا المرء كانت له فكرة ... ففي كل شيء له عبرة )