316 - ـ فصل : إذا خفيت الحكمة وجب التسليم .
إن قال قائل : أي فائدة في خلق ما يؤذي ؟ فالجواب أنه قد ثبتت حكمة الخالق فإذ خفيت في بعض الأمور وجب التسليم .
ثم إن المستحسنات في الجملة أنموذج ما أعد من الثواب و المؤذيات أنموذج ما أعد من العقاب .
و ما خلق شيء يضر إلا و فيه منفعة .
قيل لبعض الأطباء : إن فلانا يقول : أنا كالعقرب أضر لا أنفع .
فقال : ما أقل علمه إنها لتنفع إذا شق بطنها ثم شد على موضع اللسعة .
و قد تجعل في جوف فخار مسدود الرأس مطبق الجوانب ثم يوضع الفخار في تنور فإذا صارت رمادا سقى من ذلك الرماد مقدار نصف دانق أو أكثر من به الحصاة فيفتها من غير أن يضر بشيء من سائر الأعضاء .
و قد تلسع العقرب من به حمى عتيقة فتزول و لسعت رجلا مفلوجا فزال عنه الفالج .
و قد تلقى في الدهن حتى يجتذب قواها فيزيل ذلك الدهن الأورام الغليظة و مثل هذا كثير .
فالجاهل عدو لما جهله و أكبر الحماقة رد الجاهل على العالم