290 - ـ فصل : إعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .
نعوذ بالله من سوء الفهم و خصوصا من المتسمين بالعلم .
روى أحمد في مسنده أنه : تنازع أبو عبد الرحمن السلمي و حيان بن عبد الله فقال أبو عبد الرحمن لحيان : قد علمت ما الذي حدا صاحبك يعني عليا .
قال : ما هو ؟ .
قال : قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لعل الله إطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ] .
و هذا سوء فهم من أبي عبد الرحمن حين ظن أن عليا قاتل و قتل إعتمادا على أنه غفر له .
و ينبغي أن يعلم أن معنى الحديث : لتكن أعمالكم المتقدمة ما كانت فقد غفرت لكم .
فأما غفران ما سيأتي فلا يتضمنه ذلك أتراه لو وقع من أهل بدر ـ و حاشاهم ـ الشرك ـ إذ ليسوا بمعصومين ـ أما كانوا يؤاخذون به ؟ فكذلك المعاصي .
ثم لو قلنا : إنه يتضمن غفران ما سيأتي فالمعنى أن مآلكم إلى الغفران .
ثم دعنا من معنى الحديث كيف يحل لمسلم أن يظن في أمير المؤمنين علي Bه أنه فعل ما لا يجوز اعتمادا على أنه سيغفر له ؟ حوشى من هذا .
و إنما قاتل بالدليل المضطر له إلى القتال فكان على الحق .
و لا يختلف العلماء أن عليا Bه لم يقاتل أحدا و الحق مع علي .
كيف و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ اللهم أدر معه الحق كيفا دار ] .
فقد غلط أبو عبد الرحمن غلطا قبيحا حمله عليه أنه كان عثمانيا