234 - ـ فصل : بدع أدخلت على الدين .
نظرت في قول أبي الدرداء Bه : ما أعرف شيئا مما كنا عليه اليوم إلا القبلة .
فقلت : و اعجبا كيف لو رآنا اليوم و ما معنا من الشريعة إلا الرسم ؟ .
الشريعة هي الطريق و إنما تعرف شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم إما بأفعاله أو أقواله .
و سبب الانحراف عن طريقه صلى الله عليه و سلم : إما الجهل بها فيجري الإنسان مع الطبق و العادات و ربما اتخذ ما يضاد الشريعة طريقا و قد كانت الصحابة شاهدته و سمعت منه فقل أن ينحرف أحد منهم عن جادته إلا أن أبا الدرداء Bه رأى بعض الإنحراف لميل الطباع فضج فإنه قد يعرف الإنسان الصواب غير أن طبعه يميل عنه .
و ما زالت الأحاديث المنقولة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه Bهم يقل الإسعاد بها و النظر فيها إلى أن أعرض عنها بالكلية في زماننا هذا وجهلت إلا النادر و اتخذت طرائق تضاد الشريعة و صارت عادات و كانت أسهل عند الخلق من اتباع الشريعة .
و إذا كان عامة من ينسب إلى العلم قد أعراض عن علوم الشريعة فكيف العوام ؟ و لما أعرض كثير من العلماء عن المنقولات ابتدعوا في الأصول و الفروع .
فالأصوليون تشاغلوا بالكلام و أخذوه من الفلاسفة و علماء المنطق .
و دخلت أيدي الفروعيين في ذلك فتشاغلوا بالجدل و تركوا الحديث الذي يدور عليه الحكم .
ثم رأى القصاص أن النفاق بالنفاق فأقبل قوم منهم على التلبيس بالزهد و مقصودهم الدنيا .
و رأى جمهورهم أن القلوب تميل إلى الأغاني فأحضروا المطربين من القراء و أنشدوا أشعار الغزل و تركوا الإشتغال بالحديث و لم يلتفتوا إلى نهي العوام عن الربا و الزنا و أمرهم بأداء الواجبات .
و صار متكلمهم يقطع المجلس بذكر ليلى و المجنون و الطور و موسى و أبي يزيد و الحلاج و الهذيان الذي لا محصول له .
و انفرد أقوام بالتزهد و الانقطاع فامتنعوا عن عيادة المرضى و المشي بين الناس وأظهروا التخاشع و وضعوا كتبا للرياضيات و التقلل من الطعام و صارت الشريعة عندهم كلام أبي يزيد و الشبلي و المتصوفة .
و معلوم أن من سبر الشريعة لم ير فيها من ذاك شيئا .
أما الأمراء فجروا مع العادات و سموا ما يفعلونه من القتل و القطع سياسات لم يعملوا فيها بمقتضى الشريعة و تبع الأخير في ذلك المتقدم .
فأين الشريعة المحمدية ؟ و من أين تعرف مع الإعراض عن المنقولات ؟ .
نسأل الله D التوفيق للقيام بالشريعة و الإعانة على رد البدع إنه قادر