229 - ـ فصل : لا يجعل في قلبك اعتراض .
قد سمعنا بجماعة من الصالحين عاملوا الله D على طريق السلامة و المحبة و اللطف فعاملهم كذلك لأنهم لا يحتمل طبعهم غير ذلك .
ففي الأوائل برخ العابد خرج يستسقي فقال : مناجيا الله ما هذا الذي لا نعرفه منك .
اسقنا الساعة فسقوا .
و في الصحابة أنس بن النضر يقول : و الله لا تكسر سن الربيع فجرى الأمر كما قال : فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ إن من عباد الله من لو قسم على الله لأبره ] .
و هؤلاء قوم غلب عليهم ملاحظة اللطف و الرفق فلطف بهم و أجروا على ما أعتقدوا .
و هناك أعلى من هؤلاء يسألون فلا يجابون و هم بالمنع راضون .
ليس لأحدهم انبساط بل قد قيدهم الخوف و نكس رؤوسهم الحذر و لم يروا ألسنتهم أهلا للانبساط فغاية آمالهم العفو .
فإن انبسط أحدهم بسؤال فلم ير الإجابة عاد على نفسه بالتوبيخ فقال : مثلك لا يجاب و ربما قال : لعل المصلحة في منعي .
و هؤلاء الرجال حقا الأبله الذي يرى له من الحق أن يجاب فإن لم يجب تذمر في باطنه كأنه يطلب أجرة عمله و كأنه قد نفع الخالق بعبادته .
و إنما العبد حقا من يرضى ما يفعله الخالق .
فإن سأل فأجيب رأى ذلك فضلا .
و إن منع رأى تصرف مالك فلم يجعل في قلبه إعتراض بحال