214 - ـ فصل : البدار أيها المسنون .
من علم قرب الرحيل عن مكة استكثر من الطواف خصوصا إن كان لا يؤمل العود لكبر سنه و ضعف قوته .
فكذلك ينبغي لمن قاربه ساحل الأجل بعلو سنه أن يبادر اللحظات و ينتظر الهاجم بما يصلح له .
فقد كان في قوس الأجل منزع زمان الشباب و استرخى الوتر في المشيب عن سية القوس فانحدر إلى القلب و ضعفت القوى .
و ما بقي إلى الإستسلام لمحارب التلف فالبدار البدار أن يؤثر إلى أن التنظيف ليكون القدوم على طهارة .
و أي عيش في الدنيا يطيب لمن أيامه السليمة تقربه إلى الهلاك و صعود عمره نزول عن الحياة و طول بقائه نقص مدى المدة فليتفكر فيما بين يديه و هو أهم مما ذكرناه .
أليس في الصحيح : [ ما منكم أحد إلا و يعرض عليه مقعدة بالغداة و العشي من الجنة و النار فيقال : هذا مقعدك حتى يبعث الله ] .
فوا أسفا لمهدد لم يحسن التأهب و يا طيب عيش الموعود بأزيد المنى .
و ليعلم من شارف السبعين أن النفس أنين أعان الله من قطع عقبة العمر على رمل زرود الموت