138 - ـ فصل : من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
قدرت في بعض الأيام على شهوة للنفس هي عندها أحلى من الماء الزلال في فم الصادي .
و قال التأويل : ما ههنا مانع و لا معوق إلا نوع ورع .
و كان ظاهر الأمر امتناع الجواز فترددت بين الأمرين فمنعت النفس عن ذلك فبقيت حيرتي لمنع ما هو الغاية في غرضها من غير صاد بحال إلا حذر المنع الشرعي .
فقلت لها : يا نفس و الله ما من سبيل إلى تودين و لا ما دونه ؟ .
فتقلقلت فصحت بها : كم وافقتك في مراد ذهبت لذته و بقي التأسف على فعله ؟ فقدري بلوغ الغرض من هذا المراد أليس الندم يبقى في مجال اللذة أضعاف زمانها ؟ .
فقالت : كيف أصنع ؟ فقلت : .
( صبرت و لا و الله مابي جلادة ... على الحب لكني صبرت على الرغم ) .
و ها أنا أنتظر من الله D حسن الجزاء على هذا الفعل و قد تركت باقي هذه الوجهة البيضاء أرجوأن أرى حسن الجزاء على الصبر فأسطره فيه إن شاء الله تعالى فإنه قد يعجل جزاء الصبر و قد يؤخره فإن عجل ستره و إن أخر فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه فإنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
و الله إني ما تركته إلا لله تعالى و يكفيني تركه ذخيرة حتى لو قيل لي : أتذكر يوما آثرت الله على هواك ؟ قلت : يوم كذاو كذا .
فافتخري أيتها النفس بتوفيق من و فقك فكم قد خذل سواك .
و احذري أن تخذلي في مقلها و لا حول و لا قوة إلا با الله العلي العظيم .
و كان هذا في سنة إحدى و ستين و خمسمائة فلما دخلت سنة خمس و ستين عوضت خيرا من ذلك بما لا يقارب مما لا يمنع منه ورع و لا غيره .
فقلت : هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا و لأجر الآخرة خير و الحمد الله