125 - ـ فصل : الحزم أولى .
تراعنت علي نفسي في طلبها شيئا من أغراضها بتأويل فاسد فقلت لها : بالله عليك تصبري فإن في المعبر شغلا يحذر الغرق من كثرة الموج عن التنزه في عجائب البحر إذا هممت بفعل فقدري حصوله ثم تلمحي عواقبه و ما تجتنين من ثمراته فأقل ذلك الندم على ما فعلت و لا يؤمن أن يثمر غضب الحق D و إعراضه عنك فأف للقاطع عنه و لو كان الجنة .
ثم إعلمي أيتها النفس أنه ما يمضي شيء جزافا و أن ميزان العدل تبين فيه الذرة فتلمحي الأموات و الأحياء و انظري إلى من نشر ذكره بالخير و الشر و زيادة ذلك و نقصانه .
فسبحان من أظهر دليل الخلوات على أربابها حتى أن حبات القلوب تتعلق بأهل الخير .
و تنفر من أهل الشر من غير مطالعة لشيء من أعمال الكل .
قال إبليس : أو تترك مرادك لأجل الخلق ؟ .
قلت : لا إنما هذا بعض الثمرات الحاصلة لا عن الغرض .
و نحن نرى من يمشي ثلاثين فرسخا ليقال ساع فالمتقي قد نال شرف الذكر و إن لم يقصد نيل ذلك مترجحا له في وزن الجزاء { سيجعل لهم الرحمن ودا } .
النفس : لقد أمرتني بالصبر على العذاب لأن ترك الأغراض عذاب .
قلت : لك عن الغرض عوض و من كل متروك بدل و أنت في مقام مستعبد و لا يصح للأجير أن يلبس ثياب الراحة في زمان الإستئجار و كل زمان المتقي نهار صوم .
و من خاف العقاب ترك المشتهى و من رام القرب إستعمل الورع و للصبر حلاوة تبين في العواقب