106 - ـ فصل : فضل العالم .
من أراد أن يعرف رتبة العلماء على الزهاد فلينظر في رتبة جبريل و ميكائيل و من خص من الملائكة بولاية تتعلق بالخلق و باقي الملائكة قيام للتعبد في مراتب الرهبان في الصوامع .
و قد حظي أولئك بالتقريب على مقادير علمهم بالله تعالى .
فإذا أمر أحدهم بالوحي إنزعج أهل السماء حتى يخبرهم بالخبر : { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الحق } .
كما انزعج الزاهد من حديث يسمعه سأل العلماء عن صحته و معناه .
فسبحان من خص فريقا بخصائص شرفوا بها على جنسهم و لا خصيصة أشرف من العلم .
بزيادته صار آدم مسجودا له و بنقصانه صارت الملائكة ساجدة .
فأقرب الخلق من الله العلماء و ليس العلم بمجرد صورته هو النافع بل معناه و إنما ينال معناه من تعلمه للعمل به .
فكلما دله على فضل اجتهد في نيله و كلما نهاه عن نقص بالغ في مباعدته .
فحينئذ يكشف العلم له سره و يسهل عليه طريقه فيصير كمجتذب يحث الجاذب فإذا حركه عجل في سيره .
و الذي لا يعمل بالعلم لا يطلعه العلم على غروره و لا يكشف له عن سره فيكون كمجذوب لجاذب جاذبه .
فافهم هذا المثل و حسن قصدك و إلا فلا تتعب