منظر قد جمع الله لهم بين عمى البصر وعدم النطق وعدم السمع مع كونهم مسحوبين على وجوههم وقد أثبت الله تعالى لهم الرؤية والكلام والسمع فى قوله ورأى المجرمون النار وقوله دعوا هنالك ثبورا .
وقوله تعالى سمعوا لها تغيظا وزفيرا فالمعنى هنا عميا لا يبصرون ما يسرهم كما لا ينطقون بحجة صما لا يسمعون ما يلذ مسامعهم وقيل هذا حين يقال لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون وقيل يحشرون على ما وصفهم ثم يعاد إليهم هذه الأشياء بعد ذلك ثم من وراء ذلك المكان الذين يأوون إليه كلما سكن لهب النار بأن أكلت جلودهم ولحومهم زادهم الله تسعرا وهو التلهب والتوقد أى فتعود ملتهبة ومتسعرة فإنهم لهم لما كذبوا بالاعادة بعد الافناء جزاهم الله بأن لا يزالوا على الإعادة والإفناء .
وقد قيل أن فى خبوء النار تخفيفا لعذاب أهلها فكيف يجمع بينه وبين قوله لا يخفف عنهم العذاب وأجيب بأن المراد بعدم التخفيف أنه لا يتخلل زمان محسوس بين الخبوء والتسعر وقيل أنها تخبو من غير تخفيف عنهم من عذابهم وقيل ضعفت وهدأت من غير أن يوجد نقصان فى إيلامهم لأن الله تعالى لا يفتر عنهم وقيل معناه أرادت أن تخبو وقيل نضجت جلودهم واحترقت وأعيدوا إلى ما كانوا عليه وزيد فى سعير النار لتحرقهم أعاذنا الله تعالى عنها .
وقال تعالى إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا السرادق الذى يمد فوق صحن الدار وكل بيت من كرسف أى قطن فهو سرادق فارسى معرب يقال بيت مسردق وقال ابن الأعرابى سرادقها سورها وقال القتيبى السرادق الحجرة التى تكون حول الفسطاط