قال القرطبى أجمع علماء أهل السنة على أن أهل النار مخلدون فيها غير خارجين منها كإبليس وفرعون وهامان وقارون وكل من كفر وتكبر وطغى وتجبر فإن له نار جهنم لا يموت فيها ولا يحيى وقد أعدهم الله عذابا أليما فقال D كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب وأجمع أهل السنة أيضا على أنه لايبقى فيها مؤمن ولا يخلد فيها إلا كافر جاحد فاعلمه .
وقد زل هنا بعض من ينتمى إلى العلم والعلماء فقال إنه يخرج من النار كل كافر ومبطل وشيطان وجاحد ويدخل الجنة وأنه جائز فى العقل أن تنقطع صفة الغضب فيعكس عليه فيقال وكذلك جائز فى العقل أن تنقطع صفة الرحمة فيلزم عليه أن تدخل الأنبياء والأولياء النار يعذبون فيها وهذا فاسد مردود بوعده الحق وقوله الصدق قال تعالى فى حق أهل الجنان عطاء غير مجذوذ أى غير مقطوع وقال وما هم منها بمخرجين وقال لهم أجر غير ممنون وقال لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا وقال فى حق الكافرين لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط وقال فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون وهذا واضح .
وبالجملة فلا مدخل للعقول فيمن اقتطع أصله بالاجماع والنقول ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور انتهى .
ولعل القرطبى أراد بقوله زل هنا بعض الشيخ محي الدين بن عربى صاحب الفتوحات فانه ذهب إلى ذلك وتبعه من تبعه من علماء الشريعة وبناء هذا القول على أنه ترجح فى أنظارهم سبق رحمة الله على غضبه كما ورد بذلك الحديث الصحيح فى البخارى وغيره وعلى أن الخلف فى الوعيد جائز وفى الوعد لا يجوز ولكل وجهة هو موليها ولكن لا ريب فى أن ظاهر النظم القرآنى وواضح النص السنى خلود كل من أهل النار