عليه حين نزول الموت به قبل التوبة شهوة ومعصية من المعاصى فيتقيد قلبه بها وتصير حجابا بينه وبين ربه وسببا لشقاوته فى آخر حياته لقوله المعاصى بريد الكفر .
والذى لم يرتكب ذنبا أصلا أو ارتكب وتاب فهو بعيد عن هذا الخطر وأما الذى ارتكب ذنوبا كثيرة حتى كانت أكثر من طاعاته ولم يتب عنها بل كان مصرا عليها فهذا الخطر فى حقه عظيم جدا إذ قد يكون غلبة الإلف بها سببا لأن يتمثل فى قلبه صورتها ويقع منه ميل إليها وتقبض روحه عليها فيكون سببا لسوء خاتمته .
ويعرف ذلك بمثال وهو أن الانسان لا شك أنه يرى فى منامه من الأحوال التى ألقها طول عمره حتى أن الذى قضى عمره فى العلم يرى من الأحوال المتعلقة بالعلم والعلماء والذى قضى عمره فى الخياطة يرى من الأحوال المتعلقة بالخياطة والخياط إذ لا يحضر فى حال النوم إلا ما حصل له مناسبة مع قلبه لطول الألف والموت وإن كان فوق النوم لكن سكراته وما يتقدمه من الغشى قريب من النوم فطول الالف بالمعاصى يقتضى تذكرها عند الموت وعودها فى القلب وتمثلها فيه وميل النفس إليها وإن قبض روحه فى تلك الحالة يختم له بالسوء .
ومنها العدول على الاستقامة فإن من كان مستقيما فى ابتدائه ثم تغير عن حاله وخرج مما كان عليه فى ابتدائه يكون سببا لسوء خاتمته كابليس الذى كان فى ابتدائه رئيس الملائكة ومعلمهم وأشدهم اجتهادا فىالعبادة ثم لما أمر بالسجود لآدم أبى واستكبر وكان من الكافرين وكبلعام بن باعور الذى آتاه الله آياته فانسلخ بخلوده إلى الدنيا واتبع هواه وكان من الغاوين وكبر صيصا العابد