@ 163 @ الذي يخاف من وصول العدو منه وأن يراقبوا أعداءهم ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم لعلهم يفلحون : يفوزون بالمحبوب الديني والدنيوي والأخروي وينجون من المكروه كذلك | فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات فلم يفلح من أفلح إلا بها ولم يفت أحد الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها | والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا به | تم تفسير سورة آل عمران والحمد لله على نعمته ونسأله تمام النعمة $ ( سورة النساء ) $ ! 2 < أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا > 2 ! افتتح تعالى هذه السورة ، بالأمر بتقواه ، والحث على عبادته ، والأمر بصلة الأرحام ، والحث على ذلك . وبين السبب الداعي ، الموجب لكل من ذلك ، وأن الموجب لتقواه أنه ! 2 < ربكم الذي خلقكم > 2 ! ورزقكم ، ورباكم بنعمه العظيمة ، التي من جملتها خلقكم ! 2 < من نفس واحدة وخلق منها زوجها > 2 ! ليناسبها ، فيسكن إليها ، وتتم بذلك النعمة ، ويحصل به السرور . وكذلك ، من الموجب الداعي لتقواه ، تساؤلكم به ، وتعظيمكم . حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم ، توسلتم به ، بالسؤال . فيقول من يريد ذلك لغيره : أسألك بالله ، أن تفعل الأمر الفلاني ؛ لعلمه بما قام في قلبه ، من تعظيم الله الداعي ، أن لا يرد من سأله بالله . فكما عظمتموه بذلك ، فلتعظموه بعبادته وتقواه . وكذلك الإخبار بأنه رقيب ، أي : مطلع على العباد ، في حال حركاتهم وسكونهم ، وسرهم وعلنهم ، وجميع الأحوال ، مراقبا لهم فيها ، مما يوجب مراقبته ، وشدة الحياء منه ، بلزوم تقواه . وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة ، وأنه بثهم في أقطار الأرض ، مع رجوعهم إلى أصل واحد ليعطف بعضهم على بعض ، ويرقق بعضهم على بعض . وقرن الأمر بتقواه ، بالأمر ببر الأرحام ، والنهي عن قطيعتها ، ليؤكد هذا الحق . وإنه كما يلزم القيام بحق الله ، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق ، خصوصا الأقربين منهم ، بل القيام بحقوقهم ، هو من حق الله الذي أمر به . وتأمل كيف افتتح هذه السورة ، بالأمر بالتقوى ، وصلة الأرحام والأزواج عموما . ثم بعد ذلك ، فصل هذه الأمور أتم تفصيل ، من أول السورة إلى آخرها . فكأنها مبنية على هذه الأمور المذكورة ، مفصلة لما أجمل منها ، موضحة لما أبهم . وفي قوله : ! 2 < وجعل منها زوجها > 2 ! تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به ، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج فبينهم وبينهن أقرب نسب ، وأشد اتصال ، وأوثق علاقة . ! 2 < وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا > 2 ! وقوله تعالى : ! 2 < وآتوا اليتامى أموالهم > 2 ! الآية . هذا أول ما أوصى به من حقوق الخلق في هذه السورة . وهم اليتامى ، الذين فقدوا آباءهم ، الكافلين لهم ، وهم صغار ضعاف ، لا يقومون بمصالحهم . فأمر الرؤوف الرحيم عباده ، أن يحسنوا إليهم ، وأن لا يقربوا أموالهم إلا بالتي هي أحسن ، وأن يؤتوهم أموالهم ، إذا بلغوا ، ورشدوا ، كاملة موفرة . وأن لا ! 2 < تتبدلوا الخبيث > 2 ! الذي هو أكل مال اليتيم بغير حق . ! 2 < بالطيب > 2 ! وهو الحلال ، الذي ما فيه حرج ولا تبعة . ! 2 < ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم > 2 ! أي : مع أموالكم . ففيه تنبيه لقبح أكل مالهم ، بهذه الحالة ، التي هي قد استغنى بها الإنسان ، بما جعل الله له ، من الرزق في ماله . فمن تجرأ على هذه الحالة ، فقد أتى ! 2 < حوبا كبيرا > 2 ! أي : إثما عظيما ، ووزرا جسيما . ومن استبدال الخبيث بالطيب ، أن يأخذ الولي ، من مال اليتيم ، النفيس ، ويجعل بدله من ماله ، الخسيس . وفيه الولاية على اليتيم ، لأن من لازم إيتاء اليتيم ماله ، ثبوت ولاية المؤتي على ماله . وفيه الأمر بإصلاح مال اليتيم ، لأن تمام إيتائه ماله ، حفظه ، والقيام به بما يصلحه وينميه ، وعدم تعريضه للمخاوف والأخطار . ^ ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النسآء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا * وآتوا النسآء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء