@ 154 @ فيهدي الله قلوبهم ويثبتها ويخفف بذلك عنهم المصيبة | قال الله ردا عليهم : ! 2 < والله يحيي ويميت > 2 ! أي : هو المنفرد بذلك فلا يغني حذر عن قدر | ! 2 < والله بما تعملون بصير > 2 ! فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم | ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه ليس فيه نقص ولا محذور وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم وأن الخلق أيضا إذا ماتوا أو قتلوا بأي : حالة كانت فإنما مرجعهم إلى الله ومآلهم إليه فيجازي كلا بعمله فأين الفرار إلا إلى الله وما للخلق عاصم إلا الاعتصام بحبل الله ؟ ! ! | ( 159 ) ! 2 < فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين > 2 ! أي : برحمة الله لك ولأصحابك من الله عليك أن ألنت لهم جانبك وخفضت لهم جناحك وترققت عليهم وحسنت لهم خلقك فاجتمعوا عليك وأحبوك وامتثلوا أمرك | ! 2 < ولو كنت فظا > 2 ! أي : سيىء الخلق ! 2 < غليظ القلب > 2 ! أي : قاسيه ! 2 < لانفضوا من حولك > 2 ! لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيىء | فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدنيا تجذب الناس إلى دين الله وترغبهم فيه مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين وتبغضهم إليه مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول فكيف بغيره ؟ ! أليس من أوجب الواجبات وأهم المهمات الاقتداء بأخلاقه الكريمة ومعاملة الناس بما كان يعاملهم به صلى الله عليه وسلم من اللين وحسن الخلق والتأليف امتثالا لأمر الله وجذبا لعباد الله لدين الله | ثم أمره تعالى بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم ويستغفر لهم في التقصير في حق الله فيجمع بين العفو والإحسان | ! 2 < وشاورهم في الأمر > 2 ! أي : الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره : منها : أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله | ومنها : أن فيها تسميحا لخواطرهم وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث فإن من له الأمر على الناس - إذا جمع أهل الرأي : والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث - اطمأنت إليه نفوسهم وأحبوه وعلموا أنه ليس يستبد عليهم وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته لعلمهم بسعيه في مصالح العموم بخلاف من ليس كذلك فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة | ومنها : أن في الاستشارة تنور الأفكار بسبب إعمالها فيما وضعت له فصار في ذلك زيادة للعقول | ومنها : ما تنتجه الاستشارة من الرأي : المصيب فإن المشاور لا يكاد يخطىء في فعله وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب فليس بملوم فإذا كان الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم - وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما وأفضلهم رأيا - : ! 2 < وشاورهم في الأمر > 2 ! فكيف بغيره ؟ ! ثم قال تعالى : ! 2 < فإذا عزمت > 2 ! أي : على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه إن كان يحتاج إلى استشارة ! 2 < فتوكل على الله > 2 ! أي : اعتمد على حول الله وقوته متبرئا من حولك وقوتك ! 2 < إن الله يحب المتوكلين > 2 ! عليه اللاجئين إليه | ( 160 ) ! 2 < إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون > 2 ! أي : إن يمددكم الله بنصره ومعونته ! 2 < فلا غالب لكم > 2 ! فلو اجتمع عليكم من في أقطارها وما عندهم من العدد والعدد لأن الله لا مغالب له وقد قهر العباد وأخذ بنواصيهم فلا تتحرك دابة إلا بإذنه ولا تسكن إلا بإذنه | ! 2 < وإن يخذلكم > 2 ! ويكلكم إلى أنفسكم ! 2 < فمن ذا الذي ينصركم من بعده > 2 ! فلا بد أن تنخذلوا ولو أعانكم جميع الخلق | وقد ضمن ذلك الأمر بالاستنصار بالله والاعتماد عليه والبراءة من الحول والقوة ولهذا قال : ^ ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون وتقدم المعمول يؤذن بالحصر أي توكلوا : على الله