@ 1247 @ .
وهو يدعوا الله في مكانة ويقول : الهي اجعلها رحمة ، الهي لا تجعلها عذابا الهي كم من عجيبة سالتك فاعطيتني ، الهي اجعلنا لك شاكرين ، الهي اعوذ بك ان تكون انزلتها غضبا وجزاء ، الهي اجعلها سلامة وعافية ولا تجعلها فتنة ومثله . .
فما زال يدعوا حتى استقرت السفرة بين يدي عيسى والحواريين واصحابه حوله يجدون رائحة طيبة لم يجدوا فيما مضى مثلها قط ، وخر عيسى والحواريون لله سجدا شكرا بما رزقهم من حيث لم يحتسبوا ، واراهم فيه اية عظيمة ذات عجب وعبرة . واقبلت اليهود ينظرون فراوا امرا عجيبا اورثهم محمدا وغما ، ثم انصرفوا بغيظ شديد ، واقبل عيسى والحواريون واصحابه حتى جلسوا حول السفرة ، فاذا عليها منديل مغطى . قال عيسى : من اجرؤنا على كشف المنديل عن هذه الاية حتى نراها ، ونحمد ربنا ونذكر باسمه وناكل من رزقه الذين رزقنا . فقال الحواريون : يا روح الله وكلمته انت اولانا بذلك ، واحقنا بالكشف عنها . فقال عيسى عليه الصلاة والسلام فاستانف وضوءا جديدا ثم دخل مصلاه فصلى بذلك ركعات ثم بكى طويلاً . ودعى الله تعالى ان ياذن له في الكشف عنها ، ويجعل له ولقومه فيها بركة ورزقا ثم انصرف فجلس الى السفرة وتناول المنديل ، وقال باسم الله خير الرازقين ، وكشف السفرة ، فاذا هو عليها سمكة ضخمة مشوية ، ليس عليه بواسير وليس في جوفها شوك ، يسيل السمن منها سيلا ، قد نفد حولها بقول من كل صنف غير الكراث ، وعند راسها خل ، وعند ذنبها ملح ، وحو لابقول الخمسة ارغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الاخر ثمرات ، وعلى الاخر خمس رمانات ، فقال شمعون راس الحواريين لعيسى : يا روح الله وكلمته ، امن طعام الدنيا هذا ام من طعام الجنة ؟ فقال : اما ان لكم ان تعتبروا بما ترون من الايات ، وتتنتهوا عن تنقير المسائل ؟ ما اخوفن عليكم ان تعاقبوا في سبب هذه الاية ، فقال شمعون : لا واله اسرائيل ، ما اردت بها سؤالا يا ابن الصديقة ، فقال عيسى عليه السلام : ليس شيء مما ترون من طعام الجنة ولا من طعام الدنيا ، انما هو شيء ابتدعه الله في الهواء بالقدرة العالية القاهرة فقال له : كن فكان اسرع من طرفة عين ، فكلوا مما سالتم باسم الله ، واحمدوا عليه ربكم يمدكم منه ويزدكم ، فانه بديع قادر شاكر .