@ 194 @ وقد روي عن ابن مسعود وجماعة كثيرة أن السحت هو الرشوة في الحكم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به قيل يا رسول الله وما السحت قال الرشوة في الحكم ) .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه وكل ما ذكر في معنى السحت فهو أمثلة ومن أعظمها الرشوة في الحكم والأجرة على قتل النفس وهو لفظ يعم كل كسب لا يحل وقوله تعالى ! 2 < فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم > 2 ! تخيير للنبي صلى الله عليه وسلم ولحكام أمته بعده في أن يحكم بينهم إذا تراضوا في نوازلهم وقال عكرمة والحسن هذا التخيير منسوخ بقوله ! 2 < وأن احكم بينهم بما أنزل > 2 ! وقال ابن عباس ومجاهد نسخ من المائدة آيتان قوله تعالى ! 2 < ولا القلائد > 2 ! نسختها آية السيف وقوله ! 2 < أو أعرض عنهم > 2 ! نسختها ^ وأن احكم بينهما بما أنزل الله ^ .
قال القاضي أبو محمد وقال كثير من العلماء هي محكمة وتخيير الحكام باق وهذا هو الأظهر إن شاء الله وفقه هذه الآية أن الأمة فيما علمت مجمعة على أن حاكم المسلمين يحكم بين أهل الذمة في التظالم ويتسلط عليهم في تغييره وينقر عن صورته كيف وقع فيغير ذلك ومن التظالم حبس السلع المبيعة وغصب المال وغير ذلك فأما نوازل الأحكام التي لا ظلم فيها من أحدهم للآخر وإنما هي دعاوي محتملة وطلب ما يحل ولا يحل وطلب المخرج من الإثم في الآخرة فهي التي هو الحاكم فيها مخير وإذا رضي به الخصمان فلا بد من ذلك مع رضى الأساقفة أو الأحبار قاله ابن القاسم في العتبية قال وأما إن رضي الأساقفة دون الخصمين أو الخصمان دون الأساقفة فليس له أن يحكم .
قال القاضي أبو محمد وانظر إن رضي الأساقفة لأشكال النازلة عندهم دون أن يرضى الخصمان فإنها تحتمل الخلاف وانظر إذا رضي الخصمان ولم يقع من الأحبار نكير فحكم الحاكم ثم أراد الأحبار رد ذلك الحكم وهل تستوي النوازل في هذا كالرجم في زانيين والقضاء في مال يصير من أحدهما إلى الآخر وانظر إذا رضي الخصمان هل على الحاكم أن يستعلم ما عند الأحبار أو يقنع بأن لم تقع منهم معارضته ومالك رحمه الله يستحب لحاكم المسلمين الإعراض عنهم وتركهم إلى دينهم وقال ابن عباس ومجاهد وغيرهما قوله تعالى ! 2 < فإن جاؤوك > 2 ! يعني أهل نازلة الزانيين .
قال القاضي أبو محمد ثم الآية بعد تتناول سائر النوازل والله علم .
قوله عز وجل $ سورة المائدة 42 43 $