@ 25 @ قال وعزتك لا برحت من قلبه ما دام فيه الروح فقال الله تعالى وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح .
قال القاضي أبو محمد فابن عباس رضي الله عنه ذكر أحسن أوقات التوبة والجمهور حددوا آخر وقتها وقال إبراهيم النخعي كان يقال التوبة مبسوطة لأحدكم ما لم يؤخذ بكظمه وروى بشير بن كعب والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله .
قال القاضي أبو محمد لأن الرجاء فيه باق ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل في المستأنف فإذا غلب تعذرت التوبة لعدم الندم والعزم على الترك وقوله تعالى ! 2 < من قريب > 2 ! إنما معناه من قريب إلى وقت الذنب ومدة الحياة كلها قريب والمبادر في الصحة أفضل والحق لأمله من العمل الصالح والبعد كل البعد الموت ومنه قول مالك بن الريب .
( وأين مكان البعد إلا مكانيا % ) + الطويل + .
وقوله تعالى ! 2 < وكان الله عليما حكيما > 2 ! أي بمن يتوب وييسره هو للتوبة حكيما فيما ينفذه من ذلك وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك .
ثم نفى بقوله تعالى ! 2 < وليست التوبة > 2 ! الآية أن يدخل في حكم التائبين من حضره موته وصار في حيز اليأس وحضور الموت هو غاية قربه كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجماعة المفسرين وقال الربيع الآية الأولى قوله ! 2 < إنما التوبة على الله > 2 ! هي في المؤمنين والآية الثانية قوله ! 2 < وليست التوبة > 2 ! الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى ! 2 < إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء > 2 ! فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة .
قال القاضي أبو محمد وطعن بعض الناس في هذا القول بأن الآية خبر والأخبار لا تنسخ .
وهذا غير لازم لأن الآية لفظها الخبر ومعناه تقرير حكم شرعي فهي نحو قوله تعالى ! 2 < وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله > 2 ! ونحو قوله تعالى ! 2 < إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين > 2 ! وإنما يضعف القول بالنسخ من حيث تنبني الآيتان ولا يحتاج إلى تقرير نسخ لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب فنحتاج أن نقول إن قوله ! 2 < ويغفر ما دون ذلك > 2 ! نسخها وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت فالعقيدة عندي في هذه الآيات أن من تاب من قريب فله حكم التائب فيغلب الظن عليه أنه ينعم ولا يعذب هذا مذهب أبي المعالي وغيره وقال غيرهم بل هو مغفور له قطعا لإخبار الله تعالى بذلك وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة ومن لم يتب حتى حضره الموت فليس في حكم التائبين فإن كان كافرا فهو يخلد وإن كان مؤمنا فهو عاص في المشيئة لكن يغلب الخوف عليه ويقوي الظن في تعذيبه ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه .
وأعلم الله تعالى أيضا أن ! 2 < الذين يموتون وهم كفار > 2 ! فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة وقوله تعالى