@ 447 @ الشك ونهي النبي عليه السلام في عبارة اقتضت ذم الممترين وهذا يدل على أن المراد بالامتراء غيره ولو قيل فلا تكن ممتريا لكانت هذه الدلالة أقل ولو قيل فلا تمتر لكانت أقل ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الامتراء مع بعده عنه على جهة التثبيت والدوام على حاله .
وقوله تعالى ! 2 < فمن حاجك فيه > 2 ! معناه جادلك ونازعك الحجة والضمير في قوله ! 2 < فيه > 2 ! يحتمل أن يعود على ! 2 < عيسى > 2 ! ويحتمل أن يعود على ! 2 < الحق > 2 ! والعلم الذي أشير إليه بالمجيء هو ما تضمنته هذه الآيات المتقدمة من أمر عيسى وقوله تعالى ! 2 < فقل تعالوا > 2 ! الآية استدعاء المباهلة و ! 2 < تعالوا > 2 ! تفاعلوا من العلو وهي كلمة قصد بها أولا تحسين الأدب مع المدعو ثم اطردت حتى يقولها الإنسان لعدوه وللبهيمة ونحو وذلك و ! 2 < نبتهل > 2 ! معناه نلتعن ويقال عليهم بهلة الله بمعنى اللعنة والابتهال الجد في الدعاء بالبهلة .
وروي في قصص هذه الآية أنها نزلت بسبب محاجة نصارى نجران في عيسى عليه السلام وقولهم هو الله وكانوا يكثرون الجدال وقد روى عبد الله بن الحارث بن جزء السوائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليت بيني وبين أهل نجران حجابا فلا أراهم ولا يروني لشدة ما كانوا يمارون فلما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم الآية دعاهم إلى ذلك فروى الشعبي وغيره أنهم وعدوه بالغد أن يلاعنوه فانطلقوا إلى السيد والعاقب فتابعاهم على أن يلاعنوا فانطلقوا إلى رجل آخر منهم عاقل فذكروا له ما صنعوا فذمهم وقال لهم إن كان نبيا ثم دعا عليكم هلكتم وإن كان ملكا فظهر لم يبق عليكم قالوا فكيف نصنع وقد واعدناه قال إذا غدوتم فدعاكم إلى ذلك فاستعيذوا بالله من ذلك فعسى أن يعفيكم فلما كان الغد غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم محتضنا حسينا أخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه فدعاهم إلى الميعاد فقالوا نعوذ بالله فأعادوا التعوذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فإن أبيتم فأسلموا فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون فإن أبيتم فإني أنبذ إليكم على سواء ) قالوا لا طاقة لنا بحرب العرب ولكنا نؤدي الجزية قال فجعل عليهم كل سنة ألفي حلة ألفا في رجب وألفا في صفر وطلبوا منه رجلا أمينا يحكم بينهم فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وقال عليه السلام ( لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران لو تموا على الملاعنة ) وروى محمد بن جعفر بن الزبير وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاهم قالوا دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نفعل فذهبوا إلى العاقب وهو ذو رأيهم فقالوا يا عبد المسيح ما ترى فقال يا معشر النصارى والله لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ولقد علمتم ما لاعن قوم قط نبيا فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنه الاستئصال إن فعلتم فإن أبيتم إلا إلف دينكم وما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم حتى يريكم زمن رأيه فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك وأن نبقى على ديننا وصالحوه على أموال وقالوا له ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكم في أشياء قد اختلفنا فيها من أموالنا فإنكم عندنا رضى وروى السدي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين ودعاهم فأبوا وجزعوا وقال لهم أحبارهم إن فعلتم اضطرم الوادي عليكم نارا فصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ثمانين ألف درهم في العام فما عجزت عنه الدراهم ففي العروض الحلة بأربعين وعلى أن عليهم ثلاثا وثلاثين درعا وثلاثة