@ 139 @ .
قوله عز وجل $ سورة الفتح 27 - 29 $ .
روي في تفسير هذه الآية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه عند خروجه إلى العمرة انه يطوف بالبيت وهو وأصحابه بعضهم محلقون وبعضهم مقصرون .
وقال مجاهد أرى ذلك بالحديبية فأخبر الناس بهذه ! 2 < الرؤيا > 2 ! ووثق الجميع بأن ذلك يكون في وجهتهم تلك وقد كان سبق في علم الله تعالى ان ذلك يكون .
لكن ليس في تلك الجهة .
وروي ان رؤياه إنما كانت ان ملكا جاءه فقال له ! 2 < لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين > 2 ! وإنه بهذا اعلم الناس فلما قضى الله في الحديبية بأمر الصلح وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصد وقال المنافقون وأين الرؤيا ووقع في نفوس المسلمين شيء من ذلك فانزل الله تعالى ^ لقد صدق الله ورسوله الرؤيا بالحق ^ .
و ! 2 < صدق > 2 ! هذه تتعدى إلى مفعولين تقول صدقت زيدا الحديث واللام في ! 2 < لتدخلن > 2 ! لام القسم الذي تقتضيه ! 2 < صدق > 2 ! لأنها من قبيل تبين وتحقق ونحوها مما يعطي القسم .
واختلف الناس في معنى الاستثناء في هذه الآية فقال بعض المتأولين هو استثناء من الملك المخبر للنبي عليه السلام في نومه فذكر الله تعالى مقالته كما وقعت وقال آخرون هو اخذ من الله تعالى عباده بأدبه في استعماله في كل فعل يوجب وقوعه كان ذلك مما يكون ولا بد او كان مما قد يكون وقد لا يكون وقال بعض العلماء إنما استثنى من حيث كل واحد من الناس متى رد هذا الوعد الى نفسه أمكن ان يتم الوعد فيه وان لا يتم إذ قد يموت الانسان او يمرض أو يغيب وكل واحد في ذاته محتاج إلى الاستثناء فلذلك استثنى عز وجل في الجملة إذ فيهم ولا بد من يموت او يمرض .
وقال آخرون استثنى لأجل قوله ! 2 < أمنين > 2 ! لأجل إعلامه بالدخول فكان الاستثناء مؤخر عن موضعه ولا فرق بين الاستثناء من أجل الأمن او من أجل الدخول لأن الله تعالى قد أخبر بهما ووقت الثقة بالأمرين فالاستثناء من أيهما كان فهو استثناء من واجب .
وقال قوم ! 2 < أن > 2 ! بمعنى إذ فكانه قال إذ شاء الله .
قال القاضي أبو محمد وهذا حسن في معناه ولكن كون ! 2 < أن > 2 ! بمعنى إذ غير موجود في لسان العرب وللناس بعد في هذا الاستثناء أقوال مخلطة غير هذه اختصرت ذكرها لأنها لا طائل فيها .
وقرا ابن مسعود ( إن شاء الله لا تخافون ) بدل ! 2 < أمنين > 2 ! .
ولما نزلت هذه الآية علم المسلمون ان تلك الرؤيا فيما يستأنفون من الزمن واطمأنت قلوبهم