@ 255 @ .
المعنى أن الملك لما تبينت له براءة يوسف مما نسب إليه وتحقق في القصة أمانته وفهم أيضا صبره وجلده عظمت منزلته عنده وتيقن حسن خلاله فقال ! 2 < ائتوني به أستخلصه لنفسي > 2 ! . .
قال القاضي أبو محمد وهذا الذي أم يوسف عليه السلام بتثبته في السجن أن يرتقي إلى أعلى المنازل فتأمل أن الملك قال أولا حين تحقق علمه ! 2 < ائتوني به > 2 ! فقط فلما فعل يوسف ما فعل فظهرت أمانته وصبره وعلو همته وجودة نظره قال ! 2 < ائتوني به أستخلصه لنفسي > 2 ! فلما جاءه وكلمة قال ! 2 < إنك اليوم لدينا مكين أمين > 2 ! فدل ذلك على أنه أي من كلامه وحسن منطقه ما صدق به الخبر أو أربى عليه إذ المرء مخبوء تحت لسانه ثم لما زاول الأعمال مشى القدمية حتى ولاه خطة العزيز . .
و ! 2 < امين > 2 ! من الأمانة وقالت فرقة هو بمعنى آمن . .
قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف لأنه يخرج من نمط الكلام وينحط إكرام يوسف كثيرا ويروى أن الملك لما أدنى يوسف قال له إني أشاركك في كل شيء إلا أني أحب أن لا تشركني في أهلي وأن لا يأكل معي عبدي فقال له يوسف أتأنف أن آكل معك أنا أحق أن آنف أنا ابن إبراهيم الخليل وابن إسحاق الذبيح وابن يعقوب الصديق . .
قال القاضي أبو محمد وفي هذا الحديث بعد وضعف وقد قال ابن ميسرة إنما جرى هذا في أول أمره كان يأكل مع العزيز فلما جرت قصة المرأة قالت للعزيز أتدع هذا يواكلك فقال له اذهب فكل مع العبيد فأنف وقال ما تقدم . .
أما أن الظاهر من قصته وقت محاورة الملك أنه كان على عبودية وإلا كان اللائق به أن ينتحي بنفسه عن عمل الكافر لأن القوم كانوا أهل أوثان ومحاورة يوسف لصاحبي السجن تقضي بذلك . .
وسمى الله تعالى فرعون مصر ملكا إذ هي حكاية اسم مضى حكمه وتصرم زمنه ولو كان حيا لكان حكما له إذا قيل لكافر ملك أو أمير ولهذا كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل فقال عظيم الروم ولم يقل ملكا ولا أميرا لأن ذلك حكم والحق أن يسلم ويسلموا . .
وأما كونه عظيمهم فتلك صفة لا تفارقه كيفما تقلب ولو كتب له النبي صلى الله عليه وسلم أمير الروم لتمسك بتلك الحجة على نحو تمسك زياد في قوله شهد والله لي أبو الحسن . .
وقوله تعالى ! 2 < اجعلني على خزائن الأرض > 2 ! الآية فهم يوسف عليه السلام من الملك أنه عزم على تصريفه والإستعانة بنظره في الملك فألقى يده في الفصل الذي تمكنه فيه المعدلة ويترتب له الإحسان إلى من يجب ووضع الحق على أهله وعند أهله .