@ 227 @ ينكر أن يعتقد الأنبياء عليهم السلام صدق الكاذب وكذب الصادق ما لم يوح إليهم فإنما هو بشر كما قال صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه الحديث . .
فهذا يقتضي أنه جوز على نفسه أن يصدق الكاذب . .
وكذلك قد صدق صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حين حلف على مقالة زيد بن أرقم وكذب زيدا حتى نزل الوحي فظهر الحق فكلام أخوة يوسف إنما هو مغالطة ومحاجة لا إلزام عناد . .
وقوله تعالى ^ وجاءوا على قميصه بدم كذب ^ الآية روي أنهم أخذوا سخلة أو جديا فذبحوه ولطخوا به قميص يوسف وقالوا ليعقوب هذا قميصه فأخذه ولطخ به وجهه وبكى ثم تأمله فلم ير خرقا ولا أثر ناب . .
فاستدل بذلك على كذبهم وقال لهم متى كان الذئب حليما يأكل يوسف ولا يخرق قميصه قص هذا القصص ابن عباس وغيره وأجمعوا على أنه استدل على كذبهم لصحة القميص واستند الفقهاء إلى هذا في إعمال الأمارات في مسائل كالقسامة بها في قول مالك إلى غير ذلك . .
قال الشافعي كان في القميص ثلاث آيات دلالته على كذبهم وشهادته في قده ورد بصر يعقوب به . .
وروي أنهم ذهبوا فأخذوا ذئبا فلطخوا فاه بالدم وساقوه وقالوا ليعقوب هذا أكل يوسف فدعاه يعقوب فأقعى وتكلم بتكذيبهم . .
ووصف الدم ب ! 2 < كذب > 2 ! إما على معنى بدم ذي كذب وإما أن يكون بمعنى مكذوب عليه كما قد جاء المعقول بدل العقل في قول الشاعر .
( حتى إذا لم يتركوا لعظامه % لحما ولا لفؤاده معقولا ) + الكامل + .
فكذلك يجيء التكذيب مكان المكذوب . .
قال القاضي أبو محمد هذا كلام الطبري ولا شاهد له فيه عندي لأن نفي المعقول يقتضي نفي العقل ولا يحتاج إلى بدل وإنما الدم الكذب عندي وصف بالمصدر على جهة المبالغة . .
وقرأ الحسن بدم كذب بدال غير معجمة ومعناه الطري ونحوه وليست هذه القراءة قوية . .
ثم قال لهم يعقوب لما بان كذبهم ! 2 < بل سولت لكم أنفسكم أمرا > 2 ! أي رضيت وجعلت سولا ومرادا . .
! 2 < أمرا > 2 ! أي صنعا قبيحا بيوسف . .
وقوله ! 2 < فصبر جميل > 2 ! رفع إما على حذف الإبتداء وإما على حذف الخبر إما على تقدير فشأني صبر جميل وإما على تقدير فصبر جميل أمثل . .
وذكر أن الأشهب وعيسى بن عمر قرأ بالنصب فصبرا جميلا على إضمار فعل وكذلك هي في مصحف أبي ومصحف أنس بن مالك وهي قراءة ضعيفة عند سيبويه ولا يصلح النصب في مثل هذا إلا مع الأمر ولذا يحسن النصب في قول الشاعر .
( صبرا جميلا فكلانا مبتلى % ) + الرجز + .
وينشد أيضا بالرفع ويروى صبر جميل على نداء الجمل المذكور في قوله