@ 518 @ والرسول ولا تخونوا أماناتكم فمكانه على هذا جزم ويحتمل أن يكون المعنى لا تخونوا الله والرسول فذلك خيانة لأماناتكم فموضعه على هذا نصب على تقدير وأن تخونوا أماناتكم قال الشاعر .
( لا تنه عن خلق وتأتي مثله % عار عليك إذا فعلت عظيم ) .
وقرأ مجاهد وأبو عمرو بن العلاء فيما روي عنه أيضا وتخونوا أمانتكم على إفراد الأمانة وقوله ! 2 < يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله > 2 ! الآية وعد للمؤمنين بشرط الاتقاء والطاعة له و ! 2 < يجعل لكم فرقانا > 2 ! معناه فرقا بين حقكم وباطل من ينازعكم أي بالنصرة والتأييد عليهم والفرقان مصدر من فرق بين الشيئين إذا حال بينهما أو خالف حكمهما ومنه قوله ! 2 < يوم الفرقان > 2 ! وعبر قتادة وبعض المفسرين عن الفرقان ها هنا بالنجاة وقال السدي ومجاهد معناه مخرجا ونحو هذا مما يعمه ما ذكرناه وقد يوجد للعرب استعمال الفرقان كما ذكر المفسرون فمن ذلك قول مزرد بن ضرار .
( بادر الأفق أن يغيب فلما % أظلم الليل لم يجد فرقانا ) + الخفيف + وقال الآخر .
( ما لك من طول الأسى فرقان % بعد قطين رحلوا وبانوا ) + الرجز + وقال الآخر .
( وكيف أرجي الخلد والموت طالبي % ومالي من كأس المنية فرقان ) + الطويل + .
وقوله تعالى ! 2 < وإذ يمكر بك الذين كفروا > 2 ! الآية يشبه أن يكون قوله ! 2 < وإذ > 2 ! معطوفا على قوله ! 2 < إذ أنتم قليل > 2 ! وهذا تذكير بحال مكة وضيقها مع الكفرة وجميل صنع الله تعالى في جمعها ويحتمل أن يكون ابتداء كلام وهذا كله على أن الآية مدنية كسائر السورة وهذا هو الصواب وحكى الطبري عن عكرمة ومجاهد أن هذه الآية مكية وحكي عن ابن زيد أنها نزلت عقب كفاية الله رسوله المستهزئين بما أحله بكل واحد منهم الحديث المشهور ويحتمل عندي قول عكرمة ومجاهد هذه مكية أن أشارا إلى القصة لا إلى الآية والمكر المخاتلة والتداهي تقول فلان يمكر بفلان إذا كان يستدرجه ويسوقه إلى هوة وهو يظهر جميلا وتسترا بما يريد ويقال أصل المكر الفتل قاله ابن فورك فكأن الماكر بالإنسان يفاتله حتى يوقعه ومن المكر الذي هو الفتل قولهم للجارية المعتدلة اللحم ممكورة فمكر قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم كان تدبيرهم ما يسوءه وسعيهم في فساد حاله وإطفاء نوره وتدبير قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الخصال الثلاث لم يزل قديما من لدن ظهوره لكن إعلانهم لا يسمى مكرا وما استسروا به هو المكر وقد ذكر الطبري بسند أن أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا محمد ماذا يدبر فيك قومك قال يريدون أن أقتل أو أسجن أو أخرج قال أبو طالب من أعلمك هذا قال ربي قال إن ربك لرب صدق فاستوص به خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل هو يا عم يستوصي بي خيرا .
قال القاضي أبو محمد وهذا المكر الذي ذكره الله في هذه الآية هو بإجماع من المفسرين إشارة إلى