@ 364 @ .
فالجواب والله تعالى أعلم أن رؤساء الضلال وقادته تحملوا وزرين : أحدهما وزر ضلالهم في أنفسهم . .
والثاني وزر إضلالهم غيرهم . لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً . وإنما أخذ بعمل غيره لأنه هو الذي سنه وتسبب فيه ، فعوقب عليه من هذه الجهة لأنه من فعله ، فصار غير مناف لقوله { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ } . .
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثني زهير بن حرب ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، وأبي الضحى عن عبد الرحمن بن هلال العبسي عن جرير بن عبد الله قال : جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليههم الصوف فرأى سوء حالهم ، قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطؤوا عنه حتى رؤي ذلك في وجهه . قال : ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصرة من ورق ، ثم جاء آخر ، ثمَّ تتابعوا حتَّى عرف السرور في وجهه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء . ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده ، كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء ) اه . .
أخرج مسلم في صحيحه هذا الحديث عن جرير بن عبد الله من طرق متعددة . وأخرجه نحوه أيضاً من حديث أبي هريرة بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً . ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ) اه . .
قال مقيده عفا الله عنه : هذه النصوص الصحيحة تدل على رفع الإشكال بين الآيات ، كما تدل على أن جميع حسنات هذه الأمة في صحيفة النَّبي صلى الله عليه وسلم ، فله مثل أجور جميعهم . لأنه صلوات الله عليه وسلامه هو الذي سن لهم السنن الحسنة جميعها في الإسلام ، نرجو الله له الوسيلة والدرجة الرفعية ، وأن يصلي ويسلم عليه أتم صلاة وأزكى سلام . .
وقوله في هذه الآية الكريمة : { بَعِيرٍ * عِلْمٍ } يدل على أن الكافر غير معذور بعد إبلاغ الرسل المؤيد بالمعجزات ، الذي لا لبس معه في الحق ، ولو كان يظن أن