@ 357 @ .
فدل هذا التفصيل الذي هو النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة ، والنهي عن لبس الحرير والديباج على أن ذلك هو المراد بما في الرواية الأولى . وإذن فلا حجة في الحديث على منع لبس الفضة . لأنه تعين بهاتين الروايتين أن المراد الشرب في آنيتها لا لبسها ، لأن الحديث حديث واحد . .
فالجواب من ثلاثة أوجه : .
الأول أن الرواية المتقدمة عامة بظاهرها في الشرب واللبس معاً ، والروايات المقتصرة على الشرب في آنيتها دون اللبس ذاكرة بعض أفراد العام ، ساكتة عن بعضها . وقد تقرر في الأصول : ( أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه ) وهو الحق كما بيناه في غير هذا الموضع . وإليه أشار في مراقي السعود بقوله عاطفاً على ما لا يخصص به العموم على الصحيح : الأول أن الرواية المتقدمة عامة بظاهرها في الشرب واللبس معاً ، والروايات المقتصرة على الشرب في آنيتها دون اللبس ذاكرة بعض أفراد العام ، ساكتة عن بعضها . وقد تقرر في الأصول : ( أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه ) وهو الحق كما بيناه في غير هذا الموضع . وإليه أشار في مراقي السعود بقوله عاطفاً على ما لا يخصص به العموم على الصحيح : % ( وذكر ما وافقه من مفرد % ومذهب الراوي على المعتمد ) % .
الوجه الثاني أن التفصيل المذكور لو كان هو مراد النَّبي صلى الله عليه وسلم لكان الذهب لا يحرم لبسه ، وإنما يحرم الشرب في آنيته فقط ، كما زعم مدعي ذلك التفصيل في الفضة . لأن الروايات التي فيها التفصيل المذكور ( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ) فظاهرها عدم الفرق بين الذهب والفضة . ولبس الذهب حرام إجماعاً على الرجال . .
الوجه الثالث وهو أقواها ، ولا ينبغي لمن فهمه حق الفهم أن يعدل عنه لظهور وجهه ، هو : أن هذه الأربعة المذكورة في هذا الحديث ، التي هي : الذهب ، والفضة ، والحرير ، والديباج صرح النَّبي صلى الله عليه وسلم أنها للكفار في الدنيا ، وللمسلمين في الآخرة . فدل ذلك على أن من استمتع بها من الدنيا لم يستمع بها في الآخرة ، وقد صرح جل وعلا في كتابه العزيز بأن أهل الجنة يتمتعون بالذهب والفضة من جهتين : .
إحداهما الشراب في آنيتهما . .
والثانية التحلي بهما . وبين أن أهل الجنة يتنعمون بالحرير والديباج من جهة واحدة وهي لبسها ، وحكم الاتكاء عليهما داخل في حكم لبسهما . فتعين تحريم الذهب والفضة من الجهتين المذكورتين . وتحريم الحرير والديباج من الجهة الواحدة . لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الروايات الصيحة في الأربعة المذكورة : ( هي لهم في الدنيا ، ولكم في