@ 349 @ .
تنبيه .
اشترط المالكية في منع بيع الحيوان باللحم من جنسه : ألا يكون اللحم مطبوخاً . فإن كان مطبوخاً جاز عندهم بيعه بالحيوان من جنسه ، وهو معنى قول خليل في مختصره . وفسد منهي عنه إلا بدليل كحيوان بلحم جنسه إن لم يطبخ . واحتجوا لذلك بأن الطبخ ينقل اللحم عن جنسه فيجوز التفاضل بينه وبين اللحم الذي لم يطبخ . فبيعه بالحيوان من باب أولى هكذا يقولون والعلم عند الله تعالى . .
المسألة الرابعة اعلم أن ظاهر هذه الآية الكريمة يدل على أنه يجوز للرجل أن يلبس الثوب المكلل باللؤلؤ والمرجان . لأن الله جل وعلا قال فيها في معرض الامتنان العام على خلقه عاطفاً على الأكل { وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } وهذا الخطاب خطاب الذكور كما هو معروف . ونظير ذلك قوله تعالى في سورة فاطر : { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } وقال القرطبي في تفسيره : امنن الله سبحانه على الرجال والنساء امتناناً عاماً بما يخرج من البحر ، فلا يحرم عليهم شيء منه ، وإنما حرم تعالى على الرجال الذهب والحرير . وقال صاحب الإنصاف : يجوز للرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه ، وهو الصحيح من المذهب : وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز للرجل أن يلبس الثوب المكلل باللؤلؤ مثلاً ، ولا أعلم للتحريم مستنداً إلا عموم الأحاديث الواردة بالزجر البالغ عن تشبه الرجال بالنساء ، كالعكسا قال البخاري في صحيحه : ( باب المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال ) : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) . فهذا الحديث نص صريح في أن تشبه الرجال بالنساء حرام ، لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لا يلعن أحداً إلا على ارتكاب حرام شديد الحرمة . ولا شك أن الرجل إذ لبس اللؤلؤ والمرجان فقد تشبه بالنساء . فإن قيل : يجب تقديم الآية على هذا الحديث ، وما جرى مجراه من الأحاديث من وجهين : .
الأول أن الآية نص متواتر ، والحديث المذكور خبر آحاد ، والمتواتر مقدم على الآحاد .