@ 262 @ ألبتة لما بعد الموت . ولأن الدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة . وقد نص تعالى على كمال حقارتها عنده في قوله جل وعلا : { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ } إلى قوله { لِلْمُتَّقِينَ } وعلم هؤلاء الكفار نفي الله عنه اسم العلم الحقيقي وأثبت له أنه علم ظاهر من الحياة الدنيا وذلك في قوله : { وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الاٌّ خِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } فحذف الكفار في الصناعات اليدوية كحذف بعض الحيوانات في صناعتها بإلهام الله لها ذلك ، فالنحل تبني بيت عسلها على صورة شكل مسدس يحار فيه حذاق المهندسين . ولما أرادوا أن يتعلموا منها كيفية ذلك البناء وجعلوها في أجباح زجاج لينظروا إلى كيفية بنائها أبت أن تعلمهم فطلت الزجاج بالعسل قبل البناء كيلا يروا كيفية بنائها ، كما اخبرتنا الثقة بذلك . .
الوجه الرابع : أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن ذلك المعنى المزعوم كذبا هو معنى الآية فإن الله أتبع ذلك بقوله يرسل عليكما شواظ من نار الآية فهو يدل على ذلك التقدير على أنهم لو أرادوا النفوذ في أقطارها حرقهم ذلك الشواظ والنحاس والشواظ اللهب الخالص والنحاس الدخان ومنه قول النابغة : الوجه الرابع : أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن ذلك المعنى المزعوم كذبا هو معنى الآية فإن الله أتبع ذلك بقوله يرسل عليكما شواظ من نار الآية فهو يدل على ذلك التقدير على أنهم لو أرادوا النفوذ في أقطارها حرقهم ذلك الشواظ والنحاس والشواظ اللهب الخالص والنحاس الدخان ومنه قول النابغة : % ( يضيء كضوء سراج السليط % لم يجعل الله فيه نحاسا ) % .
وكذلك ما يزعمه بعض من لا علم له بمعنى كتاب الله من أن الله أشار إلى اتصال أهل السموات وأهل الأرض بقوله تعالى : { قَالَ رَبِّى يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِى السَّمَآءِ وَالاٌّ رْضِ } بصيغة الأمر في لفظة قل على قراءة الجمهور وبصيغة الماضي { قَالَ رَبِّى يَعْلَمُ } في قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم فإن الآية الكريمة لا تدل على ذلك لا بدلالة المطابقة ولا التضمن ولا الالتزام لأن غاية ما تفيده الآية الكريمة أن الله جل وعلا أمر نبيه أن يقول إن ربه يعلم كل ما يقوله أهل السماء وأهل الأرض على قراءة الجمهور وعلى قراءة الأخوين وحفص فمعنى الآية أنه صلى الله عليه وسلم أخبر قائلاً إن ربه جل وعلا يعلم كل ما يقال في السماء والأرض وهذا واضح لا إشكال فيه ولا شك أنه جل وعلا عالم بكل أسرار أهل السماء والأرض وعلانياتهم لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين . .
وكذلك ما يزعمه من لا علم عنده بمعنى كتاب الله جل وعلا من أنه تعالى أشار