@ 260 @ فِيهِنَّ نُوراً } فالنور المجعول فيهن هو القمر بعينه ، فلا يفهم من الآية بحسب الوضع اللغوي احتمال خروج نفس القمر عن السبع الطباق ، وكون المجعول فيها مطلق نوره . لأنه لو أريد ذلك لقيل : وجعل نور القمر فيهن أما قوله : { وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } فهو صريح في أن النور المجعول فيهن هو عين القمر ، ولا يجوز صرف القرآن عن معناه المتبادر بلا دليل يجب الرجوع إليه ، وبوضح ذلك أنه تعالى صرح في سورة الفرقان بأن القمر في خصوص السماء ذات البروج بقوله : { تَبَارَكَ الَّذِى جَعَلَ فِى السَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } وصرح في سورة الحجر بأن ذات البروج المنصوص على أن القمر فيها هي بعينها المحفوظة من كل شيطان رجيم بقوله : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } وما يزعمه بعض الناس من أنه جل وعلا أشار إلى الاتصال بين أهل السماء والأرض في قوله : { وَمِنْ ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } يقال فيه : إن المراد جمعهم يوم القيامة في المحشر ، كما أطبق عليه المفسرون . ويدل له قوله تعالى : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى الاٌّ رْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ مِن شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } . .
ويوضح ذلك تسمية يوم القيامة يوم الجمع في قوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } . وكثرة الآيات الداله على أن جمع جميع الخلائق كائن يوم القيامة ، كقوله : { إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الاٌّ خِرَةِ ذالِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَالِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } وقوله : { قُلْ إِنَّ الاٌّ وَّلِينَ وَالاٌّ خِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } وقوله : { اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } وقوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَآءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَئِكَةُ تَنزِيلاً } وقوله { وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } وقوله { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } . .
مع أن بعض العلماء قال : المراد ما بث من الدواب في الأرض فقط ، فيكون من إطلاق المجموع مراداً بعضه ، وهو كثير من القرآن وفي لسان العرب ، وبعضهم قال : المراد بدواب السماء الملائكة زاعماً أن الدبيب يطلق على كل حركة . .
قال مقيده عفا الله عنه : ظاهر الآية الكريمة أن الله بث في السماء دواب كما بث في