@ 203 @ .
وقوله : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } . .
ويدل لهذا الوجه قوله تعالى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } وقوله : { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذالِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبِّى } . .
قال مقيده عفا الله عنه : .
الظاهر أن الآيات المذكورة تشمل ذلك كله من تأويل الرؤيا ، وعلوم كتب الله وسنن الأنبياء والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ } . الظاهر أن مراد أولاد يعقوب بهذا الضلال الذي وصفوا به أباهم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في هذه الآية الكريمة إنما هو الذهاب عن علم حقيقة الأمر كما ينبغي . .
ويدل لهذا ورود الضلال بهذا المعنى في القرآن وفي كلام العرب . فمنه بهذا المعنى قوله تعالى عنهم مخاطبين أباهم : { قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ } وقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم : { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى } أي لست عالماً بهذه العلوم التي لا تعرف إلا بالوحي ، فهداك إليها وعلمكم بما أوحي إليك من هذا القرآن العظيم . ومنه بهذا المعنى قول الشاعر : وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى } أي لست عالماً بهذه العلوم التي لا تعرف إلا بالوحي ، فهداك إليها وعلمكم بما أوحي إليك من هذا القرآن العظيم . ومنه بهذا المعنى قول الشاعر : % ( وتظن سلمى أنني أبغي بها % بدلا أراها في الضلال تهيم ) % .
يعني : أنها غير عالمة بالحقيقة في ظنها أنه يبغي بها بدلاً وهو لا يبغي بها بدلاً . .
وليس مراد أولاد يعقوب الضلال في الدين ، إذ لو أرادوا ذلك لكانوا كفاراً ، وإنما مرادهم أن أباهم في زعمهم في ذهاب عن إدراك الحقيقة ، وإنزال الأمر منزلته اللائقة به ، حيث آثر اثنين على عشرة ، مع أن العشرة أكثر نفعاً له ، وأقدر على القيام بشؤونه وتدبير أموره . .
واعلم أن الضلال أطلق في القرآن إطلاقين آخرين : .
أحدهما الضلال في الدين ، أي الذهاب عن طريق الحق التي جاءت بها الرسل صلوات الله عليهم وسلامه . وهذا أشهر معانيه في القرآن . ومنه بهذا المعنى { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلِّينَ } وقوله : { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الاٌّ وَّلِينَ } ، وقوله : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً } إلى غير ذلك من الآيات . .
الثاني إطلاق الضلال بمعنى الهلاك والغيبة . من قول العرب : ضل السمن في